نظم المركز الثقافي المصري بالرباط يوم الإثنين 11 مارس الجاري لقاء مفتوحا مع الدكتور عبد الهادي بوطالب بمناسبة صدور كتابه الأخير" نصف قرن في السياسة" الذي هو عبارة عن مذكرات سياسية في قالب حوارات صحافية، وجاءت مبادرة المركز الثقافي المصري في إطار التقليد الجديد الذي سيشرع فيه المركز وهو إقامة صالونات ثقافية مفتوحة بين الضيوف والمثقفين،والذي كان اللقاء مع بوطالب بدايته. قام بتسيير جلسة الحوار المستشار الثقافي للسفارة المصرية بالرباط السيد أشرف زعزع الذي قدم المحتفى به وعرف بمراحل حياته السياسية والفكرية والثقافية، وتناول الدكتور بوطالب بعده الكلمة فقدم جردا تاريخيا غنيا لفكرة الصالونات الأدبية والثقافية التي عرفتها فرنسا ومصر في القرنين التاسع عشر والعشرين، كتقليد أدبي وفكري يدل على الإشعاع الثقافي والتواصل بين النخب والمثقفين، وأبرز ريادة مصر في خلق الصالونات، وعدد نماذج منها في فرنسا كصالون الشاعر شارل بودلير، "الشاعر اللعين" والفيلسوف ديدرو صاحب رواية "جاك القدري"، وغيرهما، وذكر من النماذج في مصر صالون مي زيادة وصالون عباس العقاد الشهيرين، وقال إنه غشي هذا الأخير فورما وطأت قدماه مصر للمرة الأولى. وعن كتابه "نصف قرن في السياسة، قال الدكتور عبد الهادي بوطالب إنه ليس بسيرة ذاتية ولا يوميات، كما لا يدخل في جنس الرحلة، وقدم تعريفا موجزا لكل واحد من هذه الأجناس معتبرا أن كتابه هو حوارات أملاها على الصحافي حاتم البطيوي ونشرت في الشرق الأوسط في العام الماضي قبل أن تجمع في كتاب، وأن هذه الحوارات أجريت بدون تدخل منه، وأجاب عنها من ذاكرته إلا ما تعلق بالعودة إلى بعض الوثائق التي يتوفر عليها، وتطرق إلى بعض موضوعات الكتاب المتعددة، ومنها حدث المسيرة الخضراء التي قال إنها نوع من الإبداع السياسي للملك الراحل الحسن الثاني تعتبر نموذجا لحركات التحرر المعاصرة، وذكر أنه اقترح على الفلسطينيين تنظيم مسيرة المليون على غرار هذه المسيرة، تكون سلمية وتذكر بمحنة الفلسطينيين لنيل حقوقهم، ووجه دعوة في الأخير إلى الذين يستطيعون الكتابة من جيله في العالمين العربي والإسلامي ليكتبوا عن الماضي قبل أن يطويه النسيان فتكتب الأحداث الماضية كتابة سطحية. وكان أول المتدخلين للحديث عن المحتفى به مؤرخ المملكة المغربية الدكتور عبد الوهاب بمنصور الذي استعرض جوانب من علاقته بالدكتور بوطالب، حيث اعتبره ظاهرة من الظاهرات التي عرفها المغرب، وأنه من الذين يعرفون ما لا يعرفه الغير، بسبب معايشته لأهم المحطات التي مر بها المغرب الحديث، كما وصفه بكونه أديبا سيال القلم علاوة على المناصب الحساسة التي تولاها في الدولة، وكذلك يقول عبد الوهاب بنمنصور يحتفظ بكثير من الأسرار التي إن باح بها ستحدث ضجة في المغرب وتقلب كثيرا من المفاهيم التي تعتبر اليوم مسلمات. كما تحدث عن المحتفى به عدد من الحضور منهم محمد سبيلا، ومحمد بنشريفة عميد الدراسات الأندلسية، من المغرب، ومحمد مكي، ومحمود اسماعيل من مصر، وآخرون ومن طرائف ما جاء في حديث الدكتور محمد بنشريفة أن كتاب "وزير غرناطة" الذي ألفه الدكتور عبد الهادي بوطالب في الخمسينات عن ذي الوزارتين لسان الدين بن الخطيب، وكتاب "نصف قرن في السياسة" يلتقيان معا، ذلك أن ابن الخطيب كان يدعى ذا الوزارتين، أما بوطالب فهو ذو الوزارات" لعدد المناصب الوزارية التي تقلدها، كما أن كلاهما عاصر ملكا يدعى محمد الخامس، فقد عاصر ابن الخطيب آخر ملوك غرناطة محمد بن عبد الله الذي كان يلقب بمحمد الخامس، كما عاصر بوطالب الملك الراحل محمد الخامس. ادريس الكنبوري