في ظل واقع استعبادي تنعدم فيه أدنى شروط الكرامة الآدمية والانصاف والحرية، ومع توالي الاستغلال البشع والمهين لأرزاق من ندب روحه وحياته لكسب لقمة عيش في أعماق المياه البحرية العاتية في ظروف مهنية واجتماعية أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها لا إنسانية. في ظل هذا الواقع يبزغ فجر النقابة الوطنية لضباط وبحارة الصيد في أعلي البحار، ليعلن بصوت صارخ صوت العدالة والكرامة والحرية لا للاستغلال والمهانة ومع الحق والكرامة، نقابة لم تحتفل بعد بعيد ميلادها الأول اختارت الاعتصام بمقرها بالميناء بدءا من يوم الثلاثاء 26 مارس، والقيام بوقفات احتجاجية يومية بالمكان نفسه، ودواعي هذا الاحتجاج تتمثل في إثارة الرأي العام الوطني بالظروف العصيبة والمزرية التي تشتغل فيها هذه الفئة والتي يمكن أن نستخلص أهمها في: العمل أكثر من 14 ساعة وأحيانا 18 ساعة في اليوم الوحد، وطيلة أيام الأسبوع والعطل وفي ظروف تنعدم فيها شروط السلامة والنظافة. عدم التوصل بالأجر الزهيد الذي لا يتعدى في بعض الأحيان الحد الأدنى للأجور في نهاية الشهر، مع الانتظار عدة شهور أخرى بعد نهاية عقد الشغل للتوصل بباقي المستحقات. انعدام الاستقرار في العمل، أو العمل لمدة أقصاها 7 أشهر في السنة. رفض بعض الشركات التصريح بالبحارة لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي و في مقابل هذه الأوضاع المتفاقمة هناك فئة من المجهزين المعروفين باغتنائهم الفاحش وثرائهم الصارخ، فئة تتقن فن الاستغلال للأرواح الآدمية والانفراد بالثروة السمكية رغم تحرير المياه الوطنية من تواجد بواخر الصيد الأجنبية، وارتفاع أثمان سمك الأخطبوط في السوق الدولية. هذه الفئة من المستغلين تسن سياسة التسويف والمماطلة عن الاستجابة لمطالب البحارة العادلة. وفي مقدمتها المطلب المركزي المتمثل في مشروع نظام أجور البحارة الذي اقترحته النقابة وقام بإعداده 70 عضوا، والقاضي بالأداء الشهري المنتظم للأجور وبالنسبة المئوية من محصول الصيد بدل الأجر القار المعمول به حاليا وفق ما هو مبين في الجدول الآتي: الرقم المهنة النسبة % من محصول الصيد دخل شهري كتسبيق 01 بحار مشحم مساعد طباخ %1 5000 درهم تلميذ ضابط سطح تلميذ ضابط آلاتي 02 مصنف سمك مساعد رئيس البحارة %1,2 6000 درهم معلم مشحم طباخ ملازم 03 رئيس البحارة آلاتي ثاني %1,8 10000 درهم 04 مساعد قبطان %2,3 12000 درهم 05 آلاتي %3,1 20000 درهم 06 قبطان %6 20000 درهم المشروع تم تقديمه إلى الوزارة الوصية والسلطة المحلية، بيد أنه لم يلق إلى حدود كتابة هذه الأسطر الآذان الصاغية وخصوصا من طرف المجهزين الرافضين لأي حوار اجتماعي مع الأطراف المتضررة خصوصا مع انتظام غرفة الصيد الساحلية الوسطى (أكادير) لهم، في الوقت الذي أحدثت فيه هذه المؤسسة للدفاع عن مصالح جميع الشرائح التي لها علاقة بالبحر. ورفض الحوار مرده بالأساس إلى المماطلة حتى أواخر شهر أبريل موعد خروج البحارة للعمل بين أحضان الأمواج العاتية، مع العلم أن النقابة أبدت استعدادها التام في أي وقت للجلوس على مائدة الحوار والتفاوض بشأن النقط العالقة، لكن لا حياة لمن تنادي. وعن واقع البؤس الأليم الذي تعيش فيه هذه الفئة مهضومة الحقوق الذي عايناه من خلال زيارة ميدانية لمكان الاعتصام، ووقفنا عند نماذج من الحالات التي تعبر بعمق عن هول مأساة ومعاناة لم يذق مرارتها إلا أهلها ومنها على سبيل الذكر: الغرق في السلفات: وهي الظاهرة التي يشترك فيها جل المتضررين ومنهم البحار مصطفى بودوان ذو سبعة (7) أولاد المرفوعة ضده دعوى قضائية بسبب عدم تأدية واجب الكراء لمحل سكناه الحالي، وهي القضية التي سجن من خلالها ستة (6) أيام، دون أن يكون لديه أي مورد آخر يعيش منه أولاده. ومنها عدم التصريح بعدد لا يستهان به من العمال لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي كما هو الحال بالنسبة للبحار (ك. م) الذي يعمل بشركة >صوبيش< أزيد من 11 سنة. ومنها الطرد التعسفي: حيث أن مجرد طلب حق مشروع يؤدي بطالبه إلى التسريح من عمله. كما هو الشأن بالنسبة للعامل (ل. م) بشركة >عيشة بيش<. ومنها عدم التأمين الصحي لدى فئات عديدة من البحارة، وكما حكى لنا أحدهم أنه غير ما مرة يجدون في شبكة السمك جثة عامل متوفى، أو رأسه وحالة الوفاة هاته تكون غالبا نتيجة للمرض المؤدى للموت بسبب عدم مداواته في الوقت المناسب حيث يرفض أصحاب البواخر الخروج إلى إحدى الموانئ لنقل المريض إلى إحدى المصحات لأن ذلك ما تنتج عنه خسائر كثيرة للباطرونا. ومنها الاستخفاف بالشعائر الدينية: حيث إن بعض الصينيين يتهجمون على بعض المصلين أثناء أدائهم للصلاة، كما يتعمدون لإستخراج الشبكة من أعماق المياه في وقت الافطار خلال شهر رمضان مما يخلق حرجا للبحارة أثناء أداء شعائرهم التعبدية هذا غيض من فيض مما شاهدناه ولا مسناه وإلا فإن القلم يعجز عن التعبير عن المعاناة والألم الذي عبر عنه المتضررون بكل حرقة وتلقائية، ونحن لا نملك إلا أن نقول اللهم إن هذا منكر، وكفى من أكل أموال الناس بالباطل، ثم ألم يات الأوان لإلقاء نظرة ولو من باب الشفقة لفاجعة هذه الفئة المستضعفة يا سيادة الوزارة الوصية؟؟ الزاهدي