تكشف المذكرات الحزبية التي تم الكشف عنها لحد الآن أن ثمة أربعة توجهات في تصور موقع الهوية والمرجعية في الدستور المقبل، ويمكن حصرها فيما يلي: التوجه الأول: يمثله تصور العدالة والتنمية الذي يدعو إلى أن يرتقي الدستور بمكانة المرجعية الإسلامية ويعزز مقومات الهوية المغربية المتعدد الروافد والتي حققت تماسكها بالمرجعية الإسلامية. وأن لا تخالف التشريعات أحكام الدين الإسلامي، وعلى حماية حرية ممارسة الشعائر الدينية. وتنص مذكرة الحزب على ضرورة تعزيز مكانة اللغة العربية باعتبارها لغة رسمية في الحياة العامة والتعليم والإدارة والاقتصاد ودسترة اللغة الأمازيغية كلغة وطنية، ودسترة المجلس الملكي للثقافة الأمازيغية. التوجه الثاني، يمثله حزب التقدم والاشتراكية الذي يتحدث عن هوية الدولة ومرجعيتها ضمن المبادئ العامة لمذكرته، وينص تصوره هذا على أن من ثوابت المغرب الأربعة: الإسلام باعتباره دين الدولة، والدولة تضمن حرية المعتقد وحرية الممارسة الدينية، وتضيف المذكرة أمرا جديدا مفاده أنه لا يجوز توظيف الدين كأداة للدعاية الحزبية أو لإنشاء الأحزاب السياسية. وبخصوص اللغة تضيف المذكرة في قفرة المباديء أن العربية الأمازيغية لغتان رسميتان، وتعمل الدولة على بلورة الطابع الرسمي للغة الامازيغية. وتضمن التنوع الثقافي في تعابيره الجهوية وتعمل على إثره وتطويره. التوجه الثالث: لا يشير بيان الحزب الاشتراكي الموحد إلى هوية الدولة، وفي وثيقته لسنة 2006 يدعو إلى تبني الديمقراطي فلسفة وآليات، وإلى الحسم مع الازدواجية في الدستور بين ما تقليدي سلطاني وما هو حديث وقانوني. وبخصوص اللغة يطالب هذا الحزب بأن تتحقق دسترة اللغة والثقافة الأمازيغيتين. التوجه الرابع يمثله الاتحاد الاشتراكي الذي دعا إلى التنصيص على احترام المغرب لتعدديته الثقافية، واعتبار تعبيراتها اللغوية والحضارية مكونات للهوية المغربية المنفتحة، والتأكيد على تخويل هذه التعبيرات كل الحقوق المتعارف عليها دوليا في هذا المجال في إطار الوحدة الوطنية والتنصيص تبعا لذلك على دسترة الوضع اللغوي بالمغرب باعتبار اللغتين العربية والأمازيغية لغتين وطنيتين. لكن الوثيقة لا تتحدث عن مرجعية الدولة، وتدعو في الوقت نفسه إلى التنصيص على سمو الدستور، والتأكيد على أن المؤسسات الدستورية تمارس وظائفها احتراما لمقتضيات الدستور، وانطلاقا من مبدأ فصل السلط، وربط السلطة بالمسؤولية، والمسار الانتخابي بالقرار السياسي، والتأكيد على أن تصدير الدستور هو جزء لا يتجزأ من هذا الأخير.