سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اللجنة الاستشارية للجهوية توصي بتقسيم المغرب ترابيا إلى 12 جهة بدل 16 بين مطلب ''الجهوية الموسعة'' ذات البعد السياسي المغرب يختار جهوية متقدمة ذات بعد اقتصادي اجتماعي
تضمن التصور العام، الذي تمخض عن أعمال اللجنة الاستشارية للجهوية، عددا من التوصيات تهدف إلى جعل الجهوية رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، قادرة على مواجهة رواسب التخلف ومعالجة النمو غير المتكافئ، والتفاوتات بين الجهات. وبصورة أعم، الإسهام في الإنماء الاقتصادي والاجتماعي، المتوازن والعادل للوطن. وتدعو المقترحات المتضمنة في التقرير العام كذلك، إلى إعادة النظر في العلاقات بين السلطات والمنتخبين، سعيا للانتقال من علاقات السلطة العمودية، المقترنة بمفهوم الوصاية، إلى علاقات التشاور والتعاون والتضافر، التي يتطلبها المفهوم الجديد للسلطة من جهة ومتطلبات تحديث الدولة من جهة أخرى. دون أي إخلال بالاختصاصات التي تعود حصرا للدولة ولا بالصلاحيات التي تمكنها من ضمان سيادة القانون، وأسبقية وصدارة السياسات الوطنية، والحكامة الجيدة، وحسن تدبير المال العام. ويمكن أن نتساءل في هذا الصدد: ماهي أبرز توصيات ومقترحات اللجنة؟ وماهي أبرز وظائف المجلس الجهوي مستقبلا؟ وهل انتهت أشغال اللجنة الاستشارية للجهوية إلى إبداع شكل ''الجهوية المتقدمة'' كبديل عن ''الجهوية الموسعة''، وذلك من خلال الاقتصار على توسيع النظام الجهوي المعمول به حاليا؟ مجالس جهوية منتخبة بصلاحيات إضافية في هذا السياق، أكد خطاب جلالة الملك ل9 مارس الجري على التكريس الدستوري للجهوية، وذلك من خلال الاستناد على توجهات أساسية شكلت أبرز توصيات اللجنة الاستشارية للجهوية، منها أولا تخويل الجهة المكانة الجديرة بها في الدستور، ضمن الجماعات الترابية، وذلك في نطاق وحدة الدولة والوطن والتراب، ومتطلبات التوازن، والتضامن الوطني مع الجهات. وذلك من خلال التنصيص على انتخاب المجالس الجهوية بالاقتراع العام المباشر، وعلى التدبير الديمقراطي لشؤونها، تخويل رؤساء المجالس الجهوية سلطة تنفيذ مقرراتها بدل الولاة والعمال. إعادة النظر في تركيبة وصلاحيات مجلس المستشارين في اتجاه تكريس تمثيليته الترابية للجهات، إرساء معالم جهوية مغربية قائمة على حكامة جيدة، تكفل توزيعا منصفا وجديدا، ليس فقط للاختصاصات، وإنما أيضا للإمكانات بين المركز والجهات، سعيا وراء الحد من مسار جهوي بسرعتين: جهات محضوضة تتوفر على الموارد الكافية لتقدمها وجهات محتاجة تفتقر لشروط التنمية.وأوصى التقرير بأن يتم تعديل بعض المواد الدستورية الحالية خاصة: - إلغاء القيود المدرجة في الفصل 101 من الدستور، وذلك بكون الفقرة الثانية من هذا الفصل تخالف فيما يرجع لمجالس العمالات والأقاليم والجهات والجماعات مبادئ اللامركزية المنصوص عليها في الفقرة الأولى منه''. - تعديل عنوان الباب الحادي عشر من الدستور لتحل عبارة ''الجماعات الترابية'' محل عبارة ''الجماعات المحلية'' في النص الحالي، ذلك أن هذا التعبير يحيل على فضائل تدبير القرب الذي هو في جوهره من اختصاص الجماعة أكثر مما يوحي بمهام التنمية المخولة للجهوية المتقدمة والتي بفضلها يحتل الكيان الجهوي اللامركزي نوعا من الصدارة. وينبغي أن يشمل هذا التعديل الفصلين 3 و46 من الدستور''. -تقوية التمثيلية والمشروعية الديمقراطية للمجالس الجهوية، تشجيعا للنساء على ولوج الوظائف التمثيلية والمشاركة في تدبير شؤون الجهة( تخصيص ثلث المقاعد للنساء)، وإلى تنظيم مشاركة المواطنين والمجتمع المدني والقطاع الخاص في النقاش العمومي حول قضايا الجهة وكيفية تدبيرها على الوجه الأحسن''. وشدد التقرير، الذي قدم إلى جلالة الملك الخميس الماضي، على أن منصب رئيس المجلس الجهوي يتنافى مع العضوية في البرلمان. ونص التقرير على أنه '' ينتخب كل مجلس جهوي، باعتباره هيئة ناخبة جديدة مستقلة، عددا من أعضائه لملء مقاعد في مجلس المستشارين في البرلمان يساوي ثلث العدد الإجمالي للمقاعد المخصصة في هذه الغرفة لمجموع مجالس الجماعات الترابية للجهة. و يحتفظ هؤ؟ء المنتخبون بأصواتهم التقريرية في المجلس الجهوي''.وفيما يخص تركيبة المجالس الجهوية وانتخابها، أوضح التقرير أنه ''بغية الربط بين الديموقراطية التمثيلية وبين مأسسة مشاركة المنظمات المهنية والشخصيات المؤهلة للمساهمة الدالة في تدبير شؤون الجهة، فإن المجلس الجهوي يتكون من أعضاء منتخبين لهم صوت تقريري ومن أعضاء بحكم القانون أو الصفة لهم صوت استشاري''. جهوية متقدمة بصلاحيات اقتصادية تنموية قسم تقرير اللجنة الاستشارية للجهوية المغرب إلى اثنى عشر جهة بدل 16 جهة الموجودة حاليا. لقد أقيم مشروع التقطيع الجهوي هذا، وفق تقرير اللجنة بناء على منهجية عملية، وتطبيقا لمعايير تقنية ، توّفق بين كل واحدة من هذه القواعد وبين أهداف الجهوية وحقائق هيكلة التراب الوطني. وهذه المعايير هي الفعالية والتراكم والتجانس والوظيفية والقرب والتناسب والتوازن. وهو ما أدى إلى تقليص عدد وهكذا يقلص عدد الجهات الحالية بنسبة 25 بالمائة، وتتميز الجهات الجديدة:( 1 طنجة تطوان، 2 الشرق والريف، 3 فاسمكناس، 4 الرباطسلاالقنيطرة، 5 بني ملالخنيفرة، 6 الدارالبيضاءسطات، 7 مراكشآسفي، 8 درعة تافيلالت، 9 سوس ماسة، 10 كلميم وادنون، 11 العيون الساقية الحمراء، 12 الداخلة واذ الذهب) بإيواء عدد من السكان أكبر، وتغطي من التراب قسطا أوفر. و من خلال قراءة أجزاء التقرير، يتأكد أن وظيفة الجهوية المتقدمة تتمثل في التدخل في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، عبر توفير الدولة للجهات قاعدة من الاختصاصات الذاتية ومزيدا من الموارد المالية. من هنا يؤكد التقرير على أن المقترحات التي انتهت إليها اللجنة تروم انبثاق جهات مندمجة ضمن الدولة الموحدة، جهات وازنة ودالة، متوفرة على ما تحتاجه من مؤهلات لبناء شخصيتها المتميزة، ومتمكنة من الموارد الضرورية لكي تثبت كفاءاتها وملكاتها. كما يتجلى صيغة الجهوية الموسعة من خلال التوصيات المقترحة التي تستهدف توطيد فكرة الجهوية الديمقراطية في جوهرها، بتعزيز الديمقراطية التمثيلية، وتوسيع الديمقراطية التشاركية، وفتح آفاق جديدة للمشاركة النسائية، ومنح مكانة بارزة للديمقراطية الاجتماعية ولمشاركة الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين بفتح آفاق مشجعة تجذب هؤلاء الذين عزفوا عن الشأن العام لسبب أو لآخر. جهوية متقدمة وليست جهوية موسعة إن مضامين تقرير اللجنة الموسعة للجهوية يؤكد أن ورش الإصلاح الجهوي اتجه إلى تكريس مفهوم الجهوية المتقدمة بديلا عن مقاربة الجهوية الموسعة. وبذلك فالبناء الجهوي القادم ينسجم بشكل كلي مع الخطب الملكية التي تتحدث بالتحديد عن ''جهوية متقدمة'' وليست موسعة، والفارق بينها كبير وعميق، حسب عبد اللطيف برحو باحث في التنمية المحلية والشأن الجهوي، بل ومتناقض في بعض المجالات. فالخطاب الملكي لذكرى المسيرة الخضراء بتاريخ 6 نونبر 2008 تحدث صراحة عن ''جهوية متقدمة ومتدرجة، تشمل كل مناطق المملكة، وفي مقدمتها جهة الصحراء المغربية''، وجاءت نفس العبارة أيضا في الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح البرلمان في أكتوبر الماضي، وكذا خطاب تنصيب اللجنة الاستشارية للجهوية. إن الجهوية الموسعة تقوم على أساس الجهوية السياسية في إطار اللامركزية السياسية، والذي يتطلب وجود برلمان جهوي منتخب حقيقة وحكومة جهوية ذات صلاحيات واسعة، ويقتصر دور ممثل السلطة المركزية (الولاة والعمال)على ضمان التنسيق بين المركز والجهات. بالمقابل فإن الجهوية المتقدمة تتلخص في كونها نظام أكثر تقدما للجهوية من النظام المطبق حاليا في المغرب. لذلك فإن عمل اللجنة الاستشارية للجهوية انتهى فقط إلى تكريس البعد التنموي الاقتصادي الاجتماعي لعمل الجهات، مع توسيع اختصاصات المجالس الجهوية، وتخويل رئيسها صلاحيات تقريرية وتنفيذية، مع الرفع من موارد الجهات المالية، ومنحها استقلالية عبر إعادة النظر في علاقاتها مع المحيط داخل الجهة ومع السلطات المركزية. لذلك فإن عمر عزيمان، رئيس اللجنة كان واضحا في الندوة الصحفية التي عقدها صحبة عبد اللطيف المنوني رئيس اللجنة الخاصة بتعديل الدستور يوم الخميس 10 مارس الجاري، حينما قال:''لم نسترشد بأي من التجارب الدولية في مسألة الجهوية، فقد حاولنا إبداع نموذج مغربي يراعي الخصوصيات والوقائع المغربية''.