استغرب عدد من الأوساط المتتبعة لمفاوضات المغرب والاتحاد الأوروبي الخاصة بالملف الزراعي ''تغير'' نبرة الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بتدبير هذا الملف. ومن خلال المداولات التي تمت في أروقة البرلمان الأوروبي نهاية الأسبوع الماضي وقفت اسبانيا ''موقفا متعنتا'' ضد أي تسريع لوتيرة المفاوضات الزراعية مع المغرب. ولاحظ هؤلاء أن إسبانيا بعد أن ضمنت توقيع المغرب على اتفاقية الصيد البحري، اتخذت مواقف''صارمة'' ضد ولوج البضائع الفلاحية المغربية إلى سوق الاتحاد الأوروبي. في هذا الصدد، طالب البرلمان الأوروبي من المفوضية الأوروبية إدراج عدد من الشروط''الصارمة'' في أي اتفاق زراعي مع المغرب. من أبرزها مراجعة '' نظام الحصص وأسعار دخول المنتجات الفلاحية المغربية إلى السوق الأوروبية''. إضافة إلى ''إدراج شروط صارمة في جه البضائع المغربية لاسيما تلك المتعلقة بالصحة والسلامة''. بل إن البرلمان الأوروبي، في توصيته المرفوعة إلى المفوضية الأوروبية، ذهب إلى حد المطالبة ب''الكف عن تقديم تنازلات إلى الجانب المغربي''، و''المطالبة بشرط مطابقة جودة المنتجات المستوردة من المغرب إلى المعايير الأوروبية''. وبعد اتفاق التعاون الذي وقع مؤخرا بين المغرب والإتحاد الأوربي في ملف الصيد البحري، شرعت التعاونيات الفلاحية الإسبانية ونقابات المزارعين وجمعيات منتجي ومصدري الخضر والفواكه الأندلسية، في شن حملات ''منظمة'' ضد الصادرات الفلاحية المغربية لتضييق الخناق عليها. ومن شأن المواقف الاسبانية المدعومة من ألمانيا، أن يؤخر إقرار الاتفاق الزراعي بين المغرب والاتحاد الأوروبي أشهرا إضافية. وفي سياق ذلك، قال محمد أوعياش رئيس الفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية، إن اللوبيات الإسبانية تنتشر في كل المجالات، و ليس في المجال الفلاحي فقط، بل وتتخذ طابعا سياسيا أكثر من تجاري في غالب الأحيان. مؤكدا أن أوروبا هي الرابح الأكبر من هذه الاتفاقيات. أما عبد القادر عمارة، أستاذ في المعهد الوطني للزراعة والبيطرة، فيعتبر '' أن المشكل يتمثل أولا في غياب سياسة فلاحية مغربية ذات أبعاد استراتيجية واضحة''. وفيما يخص المفاوضات الزراعية بين المغرب والاتحاد الأوروبي أشار عمارة '' مشكل المغرب هو أن سلة صادراته يقصد بها السوق الأوروبية لوحدها دون البحث عن أسواق بديلة ناشئة''، ثم إن '' وقوف اسبانيا في وجه المغرب هو نتيجة لتشابه صادراتهم الفلاحية''. لذلك، يشدد عمارة، على أن المغرب مطالب ب''البحث عن حلول بديلة وجدية لأسواق منتجاته بعيدا عن سوق أوروبية تعيش مرحلة الشيخوخة ومطبوعة بتداخل الجوانب الاقتصادية بالرهانات السياسية مع عدد من دوله''.