أكدت مصادر مطلعة ل''التجديد'' أن القرار الذي اتخذته الحكومة بمنع تصدير مادة السكر المصنوع محليا والمدعم كان بضغط من الشركة المغربية ''كوزيمار'' المحتكرة للقطاع، وليس نتيجة ''سياسة تدبيرية من الحكومة''. وأفادت المصادر المطلعة عن نتائج اجتماع لجنة خاصة عقدت على الصعيد الحكومي وبرئاسة الوزير المنتدب لدى الوزير الأول المكلفة بالشؤون الاقتصادية والعامة، أن إدارة الشركة التابعة للهولدينغ ''الشركة الوطنية للاستثمار'' دفعت الحكومة إلى اتخاذ ذلك القرار الذي اعتبر في حينه ''غير اعتيادي''، مادام أن الهدف من القرارين ''ليس دعم أسعار السكر محليا، بل الهدف الأساسي من القرارين يتمثل في حماية ودعم مصالح الفاعل الأساسي والمحتكر لتصنيع وتكرير مادة السكر''. ونقلت المصادر إحصائيات ''وردت في وثيقة اتخاذ القرار'' تفيد بكون ميزانية الدولة تتدخل لصالح الشركة'' من أجل تأدية الفارق بين السعر المدعم والسعر الحقيقي بما يزيد من 2 مليار درهم سنويا، ونظرا لارتفاع أسعار السكر الخام في العالم، فإن المبلغ التي حصلت عليه الشركة سنة 2010 بلغ 2,5 مليار درهم من ميزانية صندوق المقاصة''. إنه العلاقة ''الملتبسة'' بين السياسة والاقتصاد في المغرب حسب الاقتصادي إدريس بنعلي. هذا الأخير يتساءل: لماذا يتم الحفاظ على منطق الاحتكار ضمن منظومة اقتصادية تدعي التنافسية؟ وشدد بنعلي على ''أن الشركات الكبرى التي تتوفر على علاقات مع أصحاب القرار السياسي تمارس عملية الضغط لنيل مطالبها''. واعتبر أن المستفيد من نهج سياسة الاحتكار هي الشركات الكبرى. مادام أن شركة ''كوزيمار'' في حالة مادة السكر، و شركة ''لاسمير'' في حالة المحروقات، هما من يحدد ثمن التكلفة دون أن تتأكد الحكومة من التكلفة الحقيقية. وتقوم الحكومة عبر ميزانية الدولة ''بضخ حاصل الفارق بين التكلفة المصرح بها وتكلفة البيع في جيوب الشركات الاحتكارية''. من جهة أخرى أبرز بنعلي بأن روح الشفافية لم تجد بعد طريقها كلية إلى عالم الاقتصاد في المغرب. شفافية من دعائمها إرساء نظام خاص لتحديد ثمن تكلفة الإنتاج الحقيقية. بل إن بنعلي يذهب إلى حد المطالبة ''بفصل عالم الاقتصاد عن الهواجس والتدخلات السياسية''، وتكريس منطق كشف الحساب و إنهاء منطق الاحتكار، مادام أن اللوبيات الاقتصادية المدعومة سياسيا هي المستفيد الوحيد من سياسة الاحتكار الممارس في عدد من القطاعات الحيوية. وتشير المعطيات الرسمية، والتي كانت محور لقاءات اللجنة الخاصة، إلى أن سبب اتخاذ ذلك القرار الحكومي، يعود إلى كون مضاربين ''سعوا لاستغلال تدني أسعار مادة السكر في السوق المغربية إلى شراء مخزونات مهمة من المادة وتصديرها نحو الأسواق الدولية حيث الأسعار مرتفعة''. وخوفا من ''تضرر المخزون المحلي وحصول خلل في العرض والطلب'' تشير المعطيات الرسمية، تم ''اتخاذ القرارين بمنع تصدير السكر المدعم واسترجاع مبالغ الدعم من المصدرين للمادة''. وتشير ذات المصادر إلى أن مخزون المغرب حاليا من مادة السكر تقدر ب 100 ألف طن، وهو ما يمثل شهر من الاستهلاك الوطني. يشار إلى أن حكومة عباس الفاسي قد أصدرت مؤخرا قرارين يقضي الأول بإخضاع تصدير مادة السكر إلى ترخيص مسبق، في حين يلزم الثاني المصدرين بإرجاع مبالغ الدعم الممنوح للسكر لفائدة صندوق المقاصة. ويأتي القراران وفق حكومة عباس الفاسي للحد من المضاربة في هذه المادة الاستهلاكية الأساسية.