توقعت دراسة مشتركة بين بنك ''كريدي سويس'' وجامعة زيورخ السويسرية، بلوغ الاستثمارات التي تعتمد على الاقتصاد الإسلامي ثلاثة آلاف مليار دولار بحلول سنة ,2016 أي ثلاثة أضعاف ما هي عليه حاليا. من جهة أخرى، أعرب الباحثون في الدراسة عن دهشتهم لما وصفوه ''الرابط القوي بين الأهداف الاقتصادية والدينية''، مشيرين إلى أن الاقتصاد الإسلامي يعد أحد أسرع قطاعات السوق نموا خلال الآونة الأخيرة، حيث نما هذا القطاع بنسبة 26 بالمائة خلال الفترة ما بين 2004 و.2009 وفي قراءته للدراسة اعتبر المتخصص السعودي في المصرفية الإسلامية لاحم ناصر أن توقعات الدراسة العلمية السويسرية ''تعضد'' مختلف الدراسات المنجزة سابقا حول الآفاق التي يمتلكها الاقتصاد الإسلامي. وشدد ناصر في حديث مع التجديد على ''أن الاقتصاد الإسلامي الذي يخضع لضوابط العدالة الاجتماعية وعدم الجشع ومبدأ تقاسم الأرباح والخسائر وتحريم الربا ''يفترس'' شيئا فشيئا المساحات التي كان يخترقها الاقتصاد الرأسمالي المبني على مبدأ الغاية تبرر الوسيلة''. ونبه المتخصص في الاقتصاد الإسلامي ''على أن التمويلات الإسلامية أضحت تنافس الاقتصاد الليبرالي أيضا في المجال الأمريكي والأوروبي''. معتبرا '' أن وضع الفيتو على التمويلات الإسلامية أصبح من مخلفات الماضي''. وعن مستقبل التمويلات الإسلامية قال لاحم: بات من الواضح بما لا يدع مجالا للشك أن المصرفية الإسلامية استطاعت أن تتبِّت أقدامها بقوة خاصة في ظل صمودها أمام الأزمة المالية العالمية وتبعاتها. ويدلل الاقتصاديون على ذلك بزيادة نسبة نمو التمويل الإسلامي بين 64 و70 في المائة. واستطاعت، يضيف لاحم، البنوك الإسلامية بأدائها خلال الأزمة وبعدها أن تنتزع اعتراف البنوك الربوية بنجاح التجربة بصورة لم يكن يتوقعها أكثر المتفائلين. ونتج عن هذا تسارع وتيرة إنشاء فروع لتلك البنوك تعمل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، ولم يقتصر الأمر على البنوك التقليدية في الدول الإسلامية بل امتد إلى البنوك الأجنبية أيضا. وعن سؤال تردد بعض الدول الإسلامية في ولوج عالم البنوك الإسلامية قال لاحم: هاته الدول تضيع على اقتصادها فرص كبيرة للنمو قد تزيد عن 1 بالمائة. متسائلا: كيف يعقل أن يتواجد أزيد من 23 بنكا إسلاميا في لندن وبعض دولنا ماتزال تفكر في السماح أو عدم السماح بتواجد المؤسسات البنكية الإسلامية؟ وجاء في الشق العلمي من الدراسة التي أنجزت تحت رئاسة مدير معهد نظريات الاقتصاد بجامعة زيورخ، البروفسور ''إرنست فيهر''، ''أن هذه النتيجة قد تكون مفاجئة بالنسبة للباحثين بمجال الاقتصاد في الدول غير الإسلامية، غير أنها منطقية للباحثين في الاقتصاد الإسلامي، على اعتبار أن هذا النوع من الاقتصاد يراعي العدالة في التجارة ونظم المعاملات المالية، كما يحظر الربا والمضاربة غير الآمنة وتمويل المشروعات التي تتنافى مع القيم الإسلامية''. في نفس السياق، ذكرت الدراسة أن الاستثمارات الإسلامية التي انطلقت من توجه شعبي لم تتقبله غالبية الحكومات بشكل تلقائي عرفت تحولا ملحوظا. إذ ''كانت تعتقد أن هذا النوع من الاقتصاد سيجلب إليها سلبيات ناتجة عن تعارض أصوله مع قواعد الرأسمالية السائدة في الدول الصناعية الكبرى''. غير أن التحول الكبير في هذا الموقف - تضيف الدراسة - جاء نتيجة للإقبال المتزايد على المعاملات وفق الشريعة الإسلامية، وبالتالي أضحى من اللازم مواكبة هذا الطلب من طرف المؤسسات المالية بواسطة عروض مناسبة، مما جعل منتوجات الاقتصاد الإسلامي جزءا من عروض الكثير من البنوك العالمية والإقليمية.