اختتمت الندوة الثانية لآفاق البحث العلمي بالعالم العربي أشغالها كما كان منتظرا يوم 27 مارس الماضي بالمدينة الجامعية الشارقة في موضوع البحث العلمي والتطور التكنولوجي في العالم العربي. وشارك في الندوة أكثر من 500 عالم من مختلف أنحاء العالم العربي الذين ناقشوا حوالي 400 ورقة عمل تناولت كلها محاور علمية بحتة، بالإضافة إلى محاور أخرى تخص سياسات العلوم والتكنولوجيا في الوطن العربي. المغرب وباعتباره إحدى البلدان المعنية بما خرجت به الندوة يعاني قطاع البحث العلمي به من عوائق كثيرة تحول دون تحقيق نهضة علمية في مستوى المنافسة العالمية، حيث يمارس البحث العلمي ببلادنا في 15 جامعة تضم أكثر من 70 مؤسسة جامعية (بينما كان لا يتعدى مجموعها في الوطن العربي سنة 1950، 10 جامعات، وأصبح الآن يفوق 200 جامعة)، كما تضم حوالي 20 مؤسسة لتكوين الأطر ذات الطابع العلمي والتقني والاقتصادي والقانوني والبداغوجي بالإضافة إلى 15 مؤسسة عمومية للبحث العلمي. ويمكن القول إن البحث العلمي بالمغرب يتميز بمثل ما يتميز به البحث العلمي على صعيد العالم العربي، ومن هذه المميزات أنه بحث تقليدي وتكراري بمعنى أن البحوث العلمية بالمغرب غالبا ما تطرق بمناهج وزوايا نظر لا تضيف جديدا ولا ترفع مستوى التقنية العلمية. وهو أيضا بحث مازال يخضع لسياسة العفوية والارتجالية في التخطيط وضبابية الرؤية والأفق. قال الدكتور عبد العزيز النجار رئيس المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا إن ندوة آفاق البحث العلمي في العالم العربي ناقشت أولويات البحث العلمي العربي الذي يتضمن المسارات العلمية التي تركز عليها في أدائها وهي الطاقة والمياه والتكنولوجيا الحيوية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات إضافة إلى علوم المواد، وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن المغرب وضع كأولويات في مجال البحث العلمي سبعة برامج مبنية على دراسات واستشارات، وهذه البرامج البحتية هي: نحو أحسن جودة للحياة. تدبير مستديم للموارد الطبيعية الطاقة: المناخ والبيئة مجتمع الإعلام والتكنولوجية تنمية المعارف السوسيو اقتصادية نمو تنافسي وإبداع وابتكار تكنولوجي تحسين وتطوير المعارف الأساسية وتعترض السير بهذه الأولويات العلمية نحو الأمام عوائق من أهمها: ضعف الموارد المرصودة للبحث العلمي، وإن كانت السياسة التعليمية بالمغرب تعمل على رفع النسبة المخصصة لدعم البحث العلمي إلى %1 من الناتج الداخلي الخام بعدما كانت %0,3 فقط. ومن جهة أخرى فإن الهيكلة الحالية للبحث العلمي بالمغرب لا تساعد على تحقيق النهضة العلمية المنتظرة، ذلك أن أغلب مؤسسات البحث العمومية تتكون من شعب مهيكلة هي بدورها في مختبرات ووحدات البحث والتكوين ويصل عدد هذه المختبرات ووحدات البحث والتكوين إلى ما يفوق 1000 وحدة موزعة على ما يفوق 118 مؤسسة عمومية وخصوصية، %90 منها تنتمي للقطاع العمومي و%9 للقطاع شبه العمومي و%1 للقطاع الخاص على أن نسبة عالية من هذه الوحدات المحصاة تصل إلى 79% توجد بالمؤسسات الجامعية ومؤسسات تكوين الأطر كما أن 337 مؤسسة منها تتمركز في الرباط وحدها. ويأتي توزيع هذه الوحدات حسب الاختصاصات العلمية كالتالي: العلوم الدقيقة والطبيعية بنسبة %65 العلوم الإنسانية والاجتماعية بنسبة %21 علوم الهندسة بنسبة %14 وتجدر الإشارة إلى أن أسئلة كبرى تفرض نفسها باستمرار على الساحة الوطنية بشأن البحث العلمي تنتظر أجوبة شافية وواضحة منها: كيف يمكن للسياسة التعليمية ببلادنا أن تعد صفوة من الأطر العلمية المتوافرة على المؤهلات والكفايات الضرورية للاضطلاع بمهام البحث العلمي؟ وكيف السبيل إلى الحفاظ عليها وتحفيزها لتجنب هجرة الأدمغة إلى الخارج؟ كيف يتأتى تنظيم قطاع البحث العلمي ببلادنا وضبط معاييره لضمان فعاليته وجودته؟ ماهي السبل الكفيلة بتنويع وتقوية مصادر تمويل البحث العلمي؟ هذه كلها أسئلة وغيرها كثير تنتظر من المسؤولين عن البحث العلمي ببلادنا التحرك للدفع بالبحث العلمي إلى الأمام؟ عبد الرحمان الخالدي