''تفشي الرشوة والاحتكار وارتفاع الديون الخارجية وتأجيل الإصلاحات''، إنها أهم عناوين سنة ,2010 على اعتبار أن الرشوة وغياب الحكامة أهم تحد يواجه الاقتصاد المغربي بالإضافة إلى الاحتكار، وعدم وضوح قانون اللعبة، مما يجعل المغرب وتيرة تقدم المغرب لا تساير الدول التي لها نفس المستوى الاقتصادي. ولعل الاختلالات العميقة التي يعرفها الاقتصاد المغربي تحجب عنا رؤية المنجزات، خصوصا أن ما كشف عنه المجلس الأعلى للحسبات مجرد الشجرة التي تخفي الغابة، لأن الافتحاص بين أن سوء التدبير والتسيير واستغلال المال العام في غير موضعه وصل إلى درجة كبيرة من الخطورة. وبين العجز المسجل بصناديق التقاعد، والذي بلغ أرقام خيالية وصل إلى 1187 مليار درهم، وتأجيل الحكومة الإصلاحات التي تهم العديد من القطاعات الحيوية إلى أجل غير مسمى، فإن سنة 2011 تحمل العديد من الآمال إلى المغاربة. حصيلة وتحديات عرفت سنة 2010 العديد من المنجزات على المستوى الاقتصادي والمالي، ولعل انطلاق الكلي لأشغال ميناء طنجة المتوسط وانطلاق العمل بالطريق السيار الرابط ما بين مراكش وأكادير وبعض المحاور الأخرى، وعودة الانتعاشة إلى الاستثمارات المباشرة الخارجية وتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، أبرز عناوين هذه السنة. وفي ظل هذه المنجزات طفت على السطح العديد من التحديات والمشاكل، بالإضافة المشاكل البنوية التي بات يعيشها المغرب على مستوى النسيج الاقتصادي. وقد أطلق المغرب أكبر مشروع دولي للطاقة الشمسية بكلفة تصل إلى 70 مليار درهم، وعين رئيسا لمجلس إدارة الوكالة المغربية للطاقة الشمسية، التي ستسير هذا المشروع. ومازالت الرشوة أهم تحد يواجه الاقتصاد المغربي بالإضافة إلى الاحتكار، وعدم وضوح قانون اللعبة، مما يجعل المغرب وتيرة تقدم المغرب لا تساير الدول التي لها نفس المستوى الاقتصادي. ولعل أبرز مثال على سوء التسيير الذي يطبع العديد من المؤسسات المالية والاقتصادية ما كشف عنه التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات. وقد سلط هذا التقرير الضوء على جملة من الاختلالات المالية والإدارية والتنظيمية بالعديد من المؤسسات العمومية والوزارات والجماعات المحلية والمراكز الاستشفائية والجامعات ومكاتب تابعة للدولة، فضلا عن الافتحاص الذي طال 36 جماعة حضرية وقروية أسفرت عن العديد من التجاوزات إصلاحات مؤجلة في الوقت الذي تستدعي بعض الملفات سرعة كبيرة في إيجاد حل لها، أجلت الحكومة العديد من القطاعات الحيوية إلى أجل غير مسمى/ ويتعلق الأمر بالمنظومة الضريبية، وصناديق التقاعد، ومنظومة الأجور، والقطاع غير المهيكل، بالإضافة إلى ضعف المبادرات الرامية إلى الحد من تدني الرشوة في القطاعات المالية والاقتصادية. ويؤكد العديد من الفاعلين الاقتصاديين أن غياب الحكامة من أبرز معيقات التنمية الاقتصادية بالمغرب. وأكدت ترانسبارنسي المغرب ''الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة '' أن المغرب انتقل من الرتبة 89 خلال السنة الماضية ، إلى الرتبة 85 من بين 178 دولة في مؤشر إدراك الرشوة. مضيفة أن المغرب بات يتواجد ضمن الدول التي أصبحت فيها الرشوة حالة مزمنة. وفيما يتعلق بصناديق التقاعد، بلغ العجز المسجل أرقاما خيالية، إذ وصل إلى 1187 مليار درهم، ويبقى هذا الرقم دون تعليق، ولعل المسؤولين يملكون جوابا عن هذا الرقم؟؟ ديون لجأ المغرب إلى الخارج من أجل تجاوز الخصاص الكبير في السيولة لديه، خصوصا أمام تراجع المداخيل الضريبية، ومحدودية مداخيل العديد من القطاعات، ووأعلنت وزارة الاقتصاد والمالية، أن المغرب اقترض مليار أورو بالسوق المالية الدولية خلال هذه السنة، على مدى 10 سنوات وبمعدل فائدة يبلغ5,4 في المائة. وقد انتقد العديد من الفاعلين هذا التوجه، والذي يشكل خطورة على المغرب. وأكد عبد القادر بندالي الخبير الاقتصادي أن هذا التوجه يحمل العديد من التحديات، لأن السوق الذي توجه إليه المغرب سوق ربوي من جهة، ويمكن لأعداء الوطن أن يحصلوا على هذه السندات، ويبتزوا المغرب من جهة ثانية. وأوضح بندالي أن هذه السندات الدولية تشكل خطرا على الاقتصاد المغربي، كما أن عجز المغرب في تأدية الديون ستطرح مشكل، مثل اليونان الذي عرف أزمة بسبب عدم تحكمها في الديون الخارجية. وأكدت وزارة المالية والاقتصاد ارتفاع حجم الدين الخارجي العمومي خلال الفصل الثاني من سنة 2010 ليصل إلى أزيد من 161 مليار درهم، بعدما سجل خلال الفصل الأول من السنة نفسها 157 مليار درهم، والفصل الرابع من السنة الماضية152 مليار درهم. وقد حافظ هذا الدين على وتيرة تطوره خلال السنوات القليلة الماضية، إذ ناهز هذا الدين سنة 2006 ما يناهز 115 مليار درهم. عين التقارير الدولية في الوقت الذي يسود خطاب الاطمئنان المسؤولين الاقتصاديين والماليين، تأتي العديد من التقارير الدولية لتعري العديد من الحقائق. وفي هذا الإطار، أكد التقرير السنوي لمؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية حول الاستثمار أن المغرب جاء في الرتبة الأخيرة من حيث استقطاب الاستثمارات الخارجية المباشرة خلال السنة الماضية من بين 12 دولة إفريقية أكثر استقطابا للاستثمارات. وأكد الحسن عاشي، الباحث المقيم في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، أنه على الرغم من انخفاض معدلات البطالة في دول المغرب العربي على مدى العقد الماضي، إذ حققت الجزائر والمغرب ظاهريا مكاسب مثيرة للإعجاب، إلا أن انخفاض معدلات البطالة في المغرب العربي ظاهرة مضللة، وآفاق تحسن العمل في المغرب العربي لا يمكن أن تفسر على أنها دلالة على أداء أفصل في سوق العمل بشكل عام. وأشار التقرير العربى الثانى حول التشغيل والبطالة في الدول العربية إلى أن أعلى مستويات البطالة بين المتعلمين من خريجي الجامعات والمعاهد العليا، توجد بالمغرب وذلك بمعدل 8,26 في المائة في المغرب، و3,19 في المائة في الجزائر، و7,17 في المائة في الأردن. وأفادت منظمة العمل الدولية أنه من بين المهاجرين الرجال بإسبانيا، أزيد من الثلثين من أصل مغربي وجزائري وباقي إفريقيا يتركون بلدانهم من أجل إيجاد عمل ولتطوير وضعيتهم المهنية الحالية. واعتبر تقرير اللجنة الأوربية لإفريقيا لسنة 2010 أن المغرب من بين الدول التي نجحت في الحفاظ على أعلى مستويات النمو بإفريقيا على الرغم من الأزمة إذ سجل 3,5 في المائة خلال السنة الماضية، إلا أنه من جهة أخرى مازالت نسبة البطالة مرتفعة، بالإضافة إلى أن الاستثمارات بقيت محدودة. وعرف المغرب تراجع تحويلات المهاجرين المقيمين بالخارج خلال الأشهر الثمانية الأولى من السنة الماضية، حسب المصدر ذاته الذي أضاف أن العديد من الدول المستوردة للبترول استطاعت أن تصمد في وجه الأزمة العالمية، وحققت ناتجا إجماليا خاما فاق 5 في المائة، ويتعلق الأمر بكل من المغرب والجيبوتي ومالاوي وأوغاندا ورواندا. واحتل المغرب الرتبة 12 عربيا، من حيث الدخل الإجمالي الفردي من بين 17 دولة عربية، صنفها البنك الدولي ضمن أحدث المؤشرات الخاصة بالدخل، خلال السنة الماضية. وصنف البنك الدولي المغرب في الرتبة 136 عالميا، من بين 213 دولة، وذلك بحوالي 2790 دولار (وهو ما يعادل 23 ألف درهم سنويا و1980 درهم شهريا)، في حين تصدرت قطر لائحة الدول العربية، متبوعة بالكويت والإمارات العربية المتحدة، والبحرين وعمان والمملكة العربية السعودية وليبيا ولبنان والجزائر والأردن وتونس. وفي مراتب متأخرة عربيا بعد المغرب، جاء كل من العراق ومصر والسودان واليمن وموريتانيا. التمويلات البديلة أواخر 2007 أصدر بنك المغرب ترخيصا من أجل اعتماد التمويلات الإسلامية(التمويلات البديلة) بالمغرب، وقد عرفت هذه التمويلات العديد من الصعوبات ابتداءا من التعتيم على المستوى الإعلامي، وغياب حملات إشهارية، ومرورا بالكلفة المرتفعة مقارنة مع القروض الكلاسيكية الأخرى وانتهاءا بعدم اعتماد جميع الأبناك لهذه المنتوجات. وتبقى سنة 2010 منعطفا بخصوص هذه التمويلات لاسيما أمام الانطلاق الفعلي لأول مؤسسة مختصة في التمويلات الإسلامية ''دار الصفاء'' وهي تابعة للتجاري وفابنك. وتشير الإحصاءات إلى أن مجموع القروض الحلال التي منحت من لدن دار الصفاء خلال ستة أشهر حوالي 10 مليار سنيتم(100 مليون درهم)، وأغلبية هذه القروض موجهة لتمويل السكن، بالإضافة إلى المحلات التجارية والقطع الأرضية والمكاتب وشريحة قليلة في مجال الاستهلاك. وأطلقت دار الصفاء مؤخرا حساب الصفاء الذي يوفر للزبون تدبير عملياته المالية اليومية، والتوفر على بطاقة بنكية ودفتر الشيكات، وعملية الأداء والسحب والصرف وتحويل الأموال داخل وخارج المغرب وخدمات أخرى. وتستعد دار الصفاء لإطلاق تمويلات أخرى ويتعلق الأمر بالإجارة والاقتناء، والمضاربة. للإطلاع على الملف اضغط هنا