قال المهندس محمد الحمداوي رئيس حركة التوحيد والإصلاح ''إذا أصبح ترشيد التدين أمرا جماعيا يقوم به مختلف الفاعلين بالحقل الديني، فإن ذلك مؤشر على النجاح''، مضيفا وهو يفند انتقادات القاعدين عن المشاركة ''إننا سنكون سعداء في حركة التوحيد والإصلاح إذا سحب البساط منا من قبل الآخرين في مجال الدعوة وترشيد التدين''. غير أن الحمداوي شدد، في الملتقى الوطني للدعوة في موضوع العمل الدعوي وترشيد التدين المنظم من قبل قسم الدعوة، بمقر الحركة بالدار البيضاء، على ضرورة أن يبدأ الترشيد من الذات قبل أي شيء، فالترشيد لا يعني الآخرين مع نسيان الذات، وأضاف ''نحن في أشد الحاجة إلى ترشيد تديننا قبل غيرنا وقبل أن نساهم في ترشيد التدين عند الآخرين''. من جهته أجاب الدكتور أحمد الريسوني، عضو المكتب التنفيذي، عن سؤال الترشيد وتأصيله في القرآن والسنة واستعراض بعض مظاهره، وأكد الريسوني أنه لا خوف على مستقبل التدين بالمغرب لتجذر تعلق المغاربة بالإسلام منذ قرون، مذكرا أن طلائع الصحوة الإسلامية كانت تخشى في بدايات العمل الإسلامي من الاستئصال والاستئصاليين، وتلك خشية لم تكن في محلها. وشدد الفقيه الأصولي على أن الخشية ينبغي أن تكون اليوم على رشد التدين، وأن يصبح الهاجس الأكبر للدعاة والعلماء هو ترشيد التدين حتى يصبح هو اليقظة الإسلامية الجديدة. وحول المراد من مصطلح ترشيد التدين، قال الريسوني حسبنا ما شهد به الجن قبل الإنس، عندما قالوا في السورة القرآنية التي تحمل اسمهم (إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به) وعندما قالوا في السورة نفسها (فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا). وحذر الريسوني من مظاهر التدين الفاسدة لدى فئة من المتدينين لا يسلم المسلمون من لسانهم ويدهم مع أن الرسول عليه الصلاة والسلام عندما سأله أحد الصحابة أي الإسلام خير ، قال ''تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف''، فهذا هو المسلم الذي يغنم المسلمون من لسانه ويده. واستعرض الخبير الأول في مجمع الفقه الإسلامي بجدة، بعض معالم التدين الرشيد، فذكر أن أولها أن يكون تدين إيمان ورغبة وإقبال، وليس تدين عادة ووراثة واجترار، وأن يكون تدينا متفقها مدركا لمقاصد شعائر الإسلام، فليس مقبولا، على حد قول الريسوني، أن يكون خصوم الإسلام وأعداؤه أكثر إدراكا لمعاني الحجاب أو المئذنة مثلا، مضيفا أن من المعالم أيضا أن يكون التدين الراشد تدين سعادة وحلاوة، فكثير من الناس، والقول للريسوني، يظنون أن التدين محنة دنيوية لنيل منحة أخروية، وهذا غير صحيح البتة، إذ أن التدين منحة دنيوية وأخروية، والقرآن يقول (طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى)، ولذلك إذا وجد متدينون أشقياء في حياتهم الزوجية أو العامة، فمعنى ذلك أن تدينهم غير رشيد، ومن المعالم أيضا يشير الريسوني أن يكون تدينا متوازنا ليس فيه اعتباطية وفوضى، حتى صار الحج والعمرة عند كثير من الناس هواية رغم نيتهم الخالصة.