اختار مجموعة من المعتقلين على خلفية قانون مكافحة الإرهاب منذ سنة 2003 تدوين أناتهم منذ ''الاختطاف'' إلى ''الزج بهم في السجون'' بخط يدهم، شهادات حية، خرجت من السجن المركزي بالقنيطرة يوم 2005/04/25 تحت عنوان ''هكذا عذبونا وانتهكوا حقوقنا''. تقول مقدمة الشهادات:''..إن الشهادات تحكي الويلات والمعاناة بكلمات الألم وصوت الأنين والتوجع-إنها ترسم صورة ناصعة لمغرب العهد الجديد- مغرب اعتقال الآلاف بسبب عمليات قام بها أفراد لا يعلم أحد إلى الآن من ورائهم وما هي أهدافهم حتى أن أصابع الاتهام لا تستقر على قرار..فتارة يقولون ''القاعدة''، وأخرى ''الجماعة المقاتلة المغربية''، ومرة يقولون ''السلفية الجهادية'' ثم عندما يذكرون هذه الأخيرة لا يعرفون عن أي شيء يتحدثون، هل عن ''الصراط المستقيم''، أو''عن التكفير والهجرة''.. ويضيف أصحاب الشهادات المؤلمة ''مرة أخرى، نحن أبرياء من كل ما نسب إلينا ظلما وعدوانا...''، وستمر خمس سنوات على تلك الشهادات، وسبع سنوات على الأحداث الأليمة، دون أن تتغير طريقة الدولة في التعامل مع هذا الملف، ففي سنة 2008 انتفض كمال الزعيمي المعتقل مع مجموعة '' فتح الأندلس'' من داخل سجن الزاكي بسلا ليحكي قصة عذابه منذ ''اختطافه'' في صيف سنة 2008 من ميناء طنجة، وهو عائد من باريس إلى المغرب لزيارة أسرته بعد طول غربة..يقول الزعيمي ''عند نزولي من الباخرة استوقفني رجل وطلب مني جوازي وأوراق سيارتي.. ذهب إلى مكتبه وبعد حوالي 15 دقيقة أتى ومعه شخص آخر يحمل أوراقي فطلب مني أن أتبعه بسيارتي إلى مكتبه حاولت استفساره عن السبب فأجاب بكلمات غير مقنعة وطلب مني الانتظار فغاب عني حوالي 30 دقيقة ثم أتى والفرحة تغمر عينيه وكأنه وجد كنزا فقال لي ماذا يقلقك؟ فقلت لاشيء سوى تصرفك معي دون باقي المسافرين، فأجابني بأن لا أقلق وأنه شيء عادي.. وبعد خروجي من الميناء مباشرة اعترضتني سيارتان كادتا أن تصدماني بمشهد هوليودي مرعب.. فتح علي الباب 4 أفراد وانتزعوني بالقوة من داخل سيارتي، ثم رموني في سيارتهم كأني شيء وهم يكبلوني بقيد من حديد..بدؤوا يتنقلون بي من مكان إلى مكان ومن سيارة إلى سيارة داخل مدينة طنجة وهم يتكلمون بجهازهم وكأنهم حائرون ماذا يفعلون بي..تم توجهوا بي في اتجاه القنيطرة..أرعبوني أيما رعب فسكت وقلبي يكاد ينفجر ألما وحزنا على والدتي وأبي كلما رن هاتفي، وطيلة الطريق السيار وهم يحكمون القبض على ساعدي حتى كاد أن ينكسر عظمهما، وعندما طلبت منهم أن يخففوا قبضة الحديد علي رفضوا وطلبوا مني أن أنام كأنهم يستهزؤون بي. وعندما شارفوا على مدينة القنيطرة وضعوا عصابة على عيني كي لا أرى فلم أجرؤ على استفسارهم، وبعد حوالي نصف ساعة من هذا الإجراء توقفت السيارة وأنزلوني بعنف وسلموني إلى أشخاص كانوا أكثر خطورة، أخذوني إلى غرفة أو مكتب وأقلعوا حذائي وحزامي الذي أشد به سروالي فسقط السروال فبقيت شبه عار، أجلسوني على كرسي وكل هذا تم بعنف في القول والفعل، فسألني كبيرهم من أنت، فقلت أنا كمال الزعيمي وأريد أن أعرف لماذا أنا هنا وأنا مكبل اليدين معصب العينين، فلكمني لكمة على وجهي نزل منها الدم من فمي وأحسست أن الأرض اهتزت بي، وهكذا بدأ التحقيق معي، في هذا المكان عرفت فيما بعد أنه تمارة، فعند كل جواب لا يروق لهم يضربونني ويشتمونني و يعذبونني، طلبت منهم أن أنام ولو لساعة لكوني لم أنم في سفري فلم يسمحوا لي إلى أن أغمي علي من شدة التعب والخوف، فأخذوني إلى غرفة تحت الأرض كريهة مليئة بالحشرات وبها كاميرا مراقبة ومصباح كهربائي شديد الحرارة مشتعل ليل نهار و''بونجا'' قديمة رائحتها لا تطاق نمت فوقها من شدة التعب...'' مصطفى الرميد (رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان): استمرار الاختطاف سببه انعدام الإرادة السياسية في حل الملف توصل ''منتدى الكرامة لحقوق الإنسان'' ب19 حالة اختطاف خلال سنة .2010 وقال مصطفى الرميد، -رئيس المنتدى- خلال تقديم التقرير السنوي إن ''ظاهرة الاختطاف والاختفاء القسري مازالت مستمرة، ولم يتم وضع حد لها، بالرغم من مصادقة المملكة المغربية على الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وملائمة القانون الجنائي المغربي معها، وبالرغم من التوصيات الصريحة لهيئة الإنصاف والمصالحة''. وعزا الرميد سبب تنامي الظاهرة إلى انعدام الإرادة السياسية في حل الملف، سيما حالات الاختطاف، التي يتم الإعلان عنها من قبل الجمعيات الحقوقية عبر العديد من وسائل الإعلام، لا تحرك ساكن الجهات المسؤولة التي لا تقوم بواجبها بالكشف عن مصير الأشخاص المعنيين، كما أن النيابة العامة المختصة ''تتوصل بشكايات في الموضوع ولا تأمر بإجراء أي بحوث بشأنها''، وهو ما اعتبره المتحدث تواطؤ وتنسيق من طرف الجهات المعنية، على اعتبار أن الجهات التي تختطف الأشخاص تقوم بتسليمهم للشرطة القضائية، في حين نجد أنه بإمكان الوكيل العام للملك أن يفتح تحقيقا في الأمر ويسائل المسؤولين عن ذلك. من جهة أخرى، أبرز الرميد أن الشخص المتضرر من الاختطاف والتعذيب..لا يملك أدلة لإثبات مظلوميته، وتبقى دون متابعة ودون عقاب، وهو ما يكرس الإفلات من العقاب. خديجة الرياضي ( رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان): لم يسبق أن فتح القضاء باب التحقيق في ملفات الاختطاف منذ الأحداث الأليمة ل61 ماي 3002 انتهجت الجهات الأمنية سياسة الاعتقالات العشوائية، وما يتبعها من تعذيب، وتعنيف، وهي ممارسات قديمة تخلت عنها الدولة نهاية التسعينيات إلا أنها عادت لممارستها بعد 3002، وهو ما يفسر أن الدولة لم تقطع مع تلك الماضي.وفي كل مرة نسمع عن مجموعة ''إرهابية'' تسبقها العديد من الاختطافات والتعذيب، بالرغم من أن المغرب سبق ووقع على اتفاقية مناهضة الاختفاء القسري لكنه لم يصادق عليها، بالرغم من التزاماته أمام هيئات حقوقية محلية ودولية. وبالرغم من تصريحات المعتقلين أمام هيئة القضاء التي تقضي بتعرضهم للاختطاف، والاحتجاز في مكان سري بتمارة، وكل ممارسات التعذيب و الضرب...، وهو ما كان يحدث في السابق من خلال الاحتجاز في أماكن كانت سرية جينها إلا أنه لم يسبق أن فتح القضاء باب التحقيق في أي من الحالات المعلنة لاختطافها، وهو ما يبرز أن القضاء كان ولازال يلعب دور تضليل جرائم الشرطة، والأجهزة المخابراتية. أمينة بوعياش( رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان): المطلوب مراقبة مختلف أماكن الاحتجاز.. قدمت ''المجموعة الوطنية من أجل الترافع للمصادقة على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة''، الأسبوع الماضي بالرباط، الوثيقة المرجعية من أجل إحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب تحت عنوان ''من المناهضة إلى الوقاية من التعذيب''. وتعتبر المجموعة الوطنية، التي تتكون من 20 منظمة وجمعية غير حكومية، ''الوثيقة أداة هادفة، تعطي مضمونا ملموسا للشراكة في مجال احترام حقوق الإنسان، وأسلوبا وقائيا لمناهضة الخروقات في أماكن الاحتجاز''. وقالت أمينة بوعياش، رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، العضو في المجموعة الوطنية المذكورة، أن من أهداف الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، الوقاية، ومراقبة مختلف أماكن الاحتجاز، من خلال الزيارات إليها، من أجل الحماية المباشرة، والوقاية، والتوثيق، والحوار مع السلطات المسؤولة على مراكز الاحتجاز، والنهوض والتكوين للمكلفين بحراسة الأشخاص المحرومين من حرياتهم.