دعا العاهل المغربي محمد السادس في خطاب موجه إلى المشاركين في المؤتمر الدولي للأمم المتحدة المتحدة حول التنمية المنعقد ما بين 18 و22 مارس 2002 بمونتري المكسيكية إلى الرسراع في مضاعفة حجم الدعم العمومي للتنمية لبلوغ هدف تقليص الفقر بنسبة 50 بالمائة بحلول 2015 قائلا: «.. ولذلكم فإن المغرب يدعو المجموعة الدولية لتعبئة طاقاتها من أجل مضاعفة حجم الدعم العمومي للتنمية بأسرع ما يمكن وبكيفية من شأنها أن تساهم في تحقيق أهداف قمة الألفية التي ترمي بصفة خاصة إلى تقليص الفقر إلى حدود النصف في أفق 2015» وحث العاهل المغربي في رسالته التي ألقاها الوزير الأول عبد الرحمن اليوسفي ممثل المغرب في المؤتمر، الدول المشاركة على التعاون بين الشمال والجنوب لربح وهان التنمية ومحاربة الفقر بقوله: «وإنه لحري بنا أن نعمل على إنعاش ضامن شمال/ جنوب من أجل أن نرفع كلنا التحديات المصيرية التي تواجهنا وتمكن الأعضاء الأكثر هشاشة وخصاصا في المجموعة الدولية من كسب رهان التنمية المستديمة ومحاربة الفقر» وطالب الملك محمد السادس بضرورة الانكباب على بحث سبل توفير الماورد الضرورية الكفيلة بتحقيق التنمية المستديمة وفي مقدمتها معضلة تمويل هذه التنمية التي خصصت لها من قبل عدة مؤتمرات دولية واتخذت في شأنها توصيات أممية لم تتحقق بعد على الوجه المطلوب». وفي نفس السياق دعا كوفي عنان الدول المانحة إلى الزيادة في حجم المساعدات للدول النامية بقيمة 50 مليار دولار، مشيرا إلى أنها الوسيلة الوحيدة لتحقيق هدف خفض مستوي الفقر إلى النصف في عام 20150. وأعلن الرئيس الأمريكي بوش في تدخل له خلال القمة عن زيادة المساعدة السنوية الأمريكية بمعدل 50 بالمائة لتبلغ 16 مليار دولار سيتم تنفيذها على مدى ثلاث سنوات، هذا المبلغ اعتبره الاتحاد الأوروبي غير كاف لبلوغ الأهداف المرسومة. وكان الاتحاد الأوروبي قد أبدى استعداده لرفع نسبة المساعدات الخارجية من 33 في المائة في الوقت الراهن إلى 39 بالمائة من الناتج الداخلي في المستقبل. هذه المساعدات التي أْعلن عنها بوش جاءت مشروطة باتخاذ حكومات الدول الفقيرة خطوات لإنهاء الفساد وفتح الأسواق قبل حصولها على مساعدات خارجية. وفي نفس الإطار طالب بوش الدول الغنية بإزالة الحواجز التجارية قائلا إن حرية التجارة هي أفضل سبيل لمساعدة الدول النامية على النهوض. وأكد على أن زيادة المساعدات ستساهم في التخفيف من اليأس الذي يدفع في تقديره إلى التطرف ويخلق الظروف المواتية لما يسمى بالإرهاب. وأشار في تدخله ليوم الجمعة 22 مارس 2002 إلى أن الفقر والإحباط وعدم توفر فرص التعليم والحكومات الفاشلة تتيح الظروف لنشأة ونمو ما يسمى بالإرهاب مؤكدا على ضرورة تشجيع الدول النامية للدول الفقيرة على تنمية مصادر الثروة التي تضمن الحرية الاقتصادية والحرية السياسية ودولة القانون وحقوق الإنسان. بالمقابل ناشد الرئيس الفنزويلي الذي يرأس مجموعة سبع وسبعين التي تضم 113 دولة نامية بعدم التوقف عند الكلام المتفائل، وتجاوزه إلى التطبيق العملي والفعلي، وذلك من خلال مساعدة الدول الفقيرة. ووجه الرئيس الكوبي فيديل كاسترو قبل إعلان انسحابه من المؤتمر انتقادا لاذعا للولايات المتحدةالأمريكية وللمؤسسات الدولية قائلا إن هيبة المؤسسات الدولية في الحضيض وأضاف «إن الاقتصاد العالمي أصبح علبة قمار حقيقية، وإن النظام الاقتصادي العالمي الحالي يمثل نظام نهب واستغلاللم تشهده البشرية عبر تاريخها» وانبثق عن هذا المؤتمر اتفاق دولي يضع الخطوط العريضة لسياسة مكافحة الفقر في العالم من خلال حشد الموارد المالية الوطنية والدولية لخدمة التنمية، وتعزيز التجارة العالمية المحرك الأساسي للنمو، وتوثيق التعاون المالي والتقني الدولي، وتخفيف الدين الخارجي وتعزيز تماسك الأنظمة النقدية والمالية والتجارية دعما للتنمية. إذا كان المؤتمر قد شكل فرصة للرئيس بوش لحشد مزيد من التأييد في حملته ضد ما يسمى بالإرهاب، ويظهر ذلك من خلال ربطه التعسفي بين الفقر والإرهاب، دون ذكر للأسباب الحقيقية التي تقف وراء الفقر وتتسبب في ظهور التطرف، والتي من بينها السياسة الأمريكية المعادية للشعوب، إذا ان الأمر كذلك بالنسبة للولايات المتحدةالأمريكية، فإن المؤتمر أيضا شكل مناسبة للمسؤول المغربي لكسب مزيد من العطف والتودد لدى المؤسسات المالية الدولية حتي تجود عليه ليتجاوز معضلة الفقر التي باتت تهدد الاستقرار الاجتماعي والسياسي بالمغرب. فقد أكدت تقارير للبنك الدولي إن أكثر من خمسة ملايين من المغاربة يعيشون تحت خط الفقر أي بدخل يومي لا يتجاوز دولارا واحدا. وذهبت جهات غير رسمية إلى القول بأن هذا العدد يتجاوز سبعة ملايين نسمة، وهو ما يعني أن 20 بالمائة من المغاربة يعيشون بدولار واحد في اليوم وتظل هذه النسبة أعلى نسبة سجلت ببلدان شمال إفريقيا. يضاف إلى هذا أن بحثا لمديرية الإحصاء أثبتت أن 20 بالمائة من الفقراء يستهلكون 6.5 بالمائة في الوقت الذي تستهلك فيه نفس النسبة أي (20 بالمائة) من الأثرياء 46.6 بالمائة، ويزيد من تفاقم هذه الوضعية ارتفاع معدل البطالة حيث تتجاوز 20.3 بالمائة في الوسط الحضري ويناهز 26.1 بالمائة بالنسبة لفئة حاملي الشواهد العليا، بالإضافة إلى البناء العشوائي الذي قال فيه العاهل المغربي محمد السادس «إن تفشي ظاهرة الأحياء العشوائية بات يهدد بزعزعة الاستقرار الاجتماعي في المغرب»، وكذا ارتفاع تكلفة المعيشة بنسبة 60 بالمائة ما بين 1989 و2001. فهل سيعمل المغرب على فك الارتهان بالمؤسسات المالية والدولية وخلق مشاريع تنموية قادرة على امتصاص البطالة والتخفيف من ظاهرة الفقر مثلما هو الوضع بالنسبة لتونس التي استطاعت أن تخفض معدل الفقر إلى أقل من 4.2 بالمائة. محمد الشفشاوني