بلغت حالات العنف الواردة فقط على مركزين للاستماع للنساء المعنفات خلال سنة واحدة 5980 حالة. ويسجل من خلال التقارير الصادرة عن المركزين الموجودين بالدار البيضاء والقنيطرة، أن العنف ضد النساء أضحى ظاهرة عامة، مع حصول تحولات في طرق ممارسة العنف، وكذلك طبيعة وسن المعنفات. كما أبرزت مختلف التقارير الصادرة عن مراكز الاستماع، أن أغلبية الممارسين للعنف يتعاطون مختلف أنواع المخدرات ويعانون من عدم الاستقرار النفسي، فضلا عن هيمنة غير المتمدرسين بين صفوفهم. في هذا السياق، بلغت عدد حالات العنف الواردة على مركز النجدة لمساعدة النساء والأطفال ضحايا العنف بالقنيطرة الذي قدمت خلاصاته أول أمس، من فاتح نونبر 2009 إلى متم نونبر ,2010 نحو 1936 حالة عنف مقابل 585 حالة خلال نفس الفترة من السنة الماضية. أي بزيادة تفوق 300 بالمائة من عدد حالات العنف. كما سجل المرصد المغربي للعنف ضد النساء ''عيون نسائية'' حدوث 26 ألف و77 فعل عنف مورس ضد 4044 امرأة زرن في سنة 2009 عشرة مراكز استماع تشرف عليها الجمعيات المنخرطة في المرصد بمدن مغربية مختلفة. واعتبرت نزهة العلوي رئيسة مركز النجدة إلى أن ظاهرة العنف ضد النساء، باعتبارها قضية مجتمعية، لابد أن تنخرط فيها جميع مكونات المجتمع للحد من آثارها. مشددة على أن العنف ضد النساء (أوالعنف الأسري بشكل عام) أصبح ظاهرة '' تهدد تماسك المجتمع المغربي''. وعن دور مراكز الاستماع ومحدودية انتشارها على الصعيد الوطني أشارت العلوي إلى أن ''الوضع خطير ويحتاج إلى تعبئة كل المجتمع''. مضيفة ''أن ما تسجله الهيئات العاملة ليست سوى عينة من العنف المتصاعد داخل الأسرة وفي مختلف أركان المجتمع في البادية والمدن''. مبرزة ''أن التحولات التي جاءت في إطار العولمة لم يواكبها انشغال على الصعيد الوطني للحد من ظواهر العنف الأسري والمجتمعي''. في قراءة لهاته الإحصائيات، اعتبر أحمد البوكيلي جامعي متخصص في قضايا الحضارة والعقائد ''أن الإسلام يجرم ظاهرة العنف ضد المرأة''. معتبرا أن الدين الإسلامي ''كرم المرأة وأعطاها أدوارا في بناء الأمة''. وأرجع البوكيلي''ازدياد ظاهرة العنف ضد المرأة إلى طبيعة التحولات القيمية التي تعرفها المجتمعات حاليا، لاسيما في سياق تشييئ كل الظواهر وسيطرة البعد المادي''. مشددا على أن ''ظاهرة العنف ضد النساء يعد أحد تمظهرات العنف الذي بدأ ينتشر في أركان الأسرة والمجتمع''. وتشير إحصائيات تقرير مركز النجدة، إلى أن العنف المعنوي يأتي في المرتبة الأولى ب1895 حالة، متبوعا بالعنف المتعلق بالنفقة 337 حالة، والعنف الجسدي 274 حالة، والإهمال 118 حالة، والهجر 93 حالة، والطرد من بيت الزوجية 74 حالة. كما يتضح أن النساء المعنفات يشملن ربات البيوت والعاطلات والمستخدمات وكذا الطالبات والموظفات. ولا يطال التعنيف النساء المتزوجات فحسب، وإن كانت نسبتهن تصل إلى 55,32 بالمائة، كما أنه لا يهم فقط الأميات (32,64بالمائة) واللواتي لم يتجاوز مستواهن الدراسي الابتدائي 27 بالمائة، وإنما كذلك المتعلمات البالغات لمستوى الثانوي (أزيد من 33 بالمائة) وبنسبة أقل فئة الجامعيات (6,65 بالمائة). من جانب آخر، يسجل أن أغلب الوافدات على مراكز الاستماع يأتين من أحياء شعبية أو متوسطة، كما أن أغلب مراكز الاستماع تتواجد بالوسط الحضري، مما لا يعطي صورة واضحة عن العنف الممارس ضد المرأة في الوسط شبه الحضري وكذا في الوسط القروي وكذا داخل الأوساط الراقية. ومن أوجه العنف الممارس ضد المرأة يشار إلى العنف الاقتصادي المتجلي في حرمانها من الإرث في بعض الحالات، وكذا منعها قانونيا من الاستفادة من أراضي الجموع والسلاليات.