انطلق السجال بخصوص عدد من الملفات الواردة في مشروع قانون المالية لسنة 2011 ،و المنتظر أن تنطلق مناقشته في الأسبوع الجاري في البرلمان. ومن المواضيع المثارة هناك قضية الإعفاءات الضريبية وكذا دور المؤسسات العمومية في تمويل الاقتصاد الوطني في ظل تشبت البعض بحل الخوصصة. في هذا السياق أورد تقرير حول المصاريف الجبائية الذي يعتبر من الوثائق المرفقة للقانون المالي لسنة 2011 الصادر عن المديرية العامة للضرائب أن قطاع العقار يعد أكبر مستفيد من الإعفاءات الضريبية خلال سنة 2010 بقيمة إجمالية تبلغ 4,4 مليار درهم. وسجل التقرير أن حجم الإعفاءات الضريبية ارتفعت سنة 2010 بنسبة 3,3 مقارنة مع 2009 بقيمة إجمالية تبلغ 29,8 مليار درهم. من حيث دلالات الأرقام، فإن حجم الإعفاءات الضريبية خلال سنة 2010 تمثل 20,9 من حجم الإيرادات الضريبية و3,8 بالمائة من الناتج الداخلي الخام. وتمثل الإعفاءات المتعلقة بالضريبة على القيمة المضافة 46,2 بالمائة من قيمة الإعفاءات بقيمة 14,2 مليار درهم ، تليها الضريبة على الشركات 13,7بالمائة بقيمة 6,1 مليار درهم، أما الضريبة على الدخل فلا يتجاوز حجم الإعفاءات 4,2 مليار درهم. وعن الجدوى الاقتصادية لهاته الإعفاءات ومردوديتها الاجتماعية، اوضح عبد الواحد بناني منعش عقاري أن حجم الإعفاءات الضريبية التي استفاد منها قطاع العقار والبناء مهمة جدا لكن الانجازات على أرض الواقع لا توازي حجم تلك الإعفاءات. بل إن بناني، يؤكد أن الإعفاءات استفادت منها المقاولات الكبرى في البناء. متسائلا: هل من المقبول أن نمنح تحفيزات ضريبية لشركات تمتلك كل الإمكانات لتخفيض ثمن السكن للمواطنين دون الحاجة فعلا إلى طلب الإعفاء من الضرائب. وفيما يخص السكن الاجتماعي الذي يطمح لبناء100 ألف سكن اجتماعي في السنة، تسائل المنعش العقاري بناني: إذا كان حجم الإعفاءات الضريبية قد وصلت سنة 2010 إلى 1,3 مليار درهم من أجل دعم السكن الاجتماعي، فأين ثمن هذا الإعفاء الضريبي على أرض الواقع؟ وهل المواطن العادي استفاد من هذا الورش في الحصول على سكن لائق وفي المتناول أم المستفيد الأكبر هم الحيتان الكبرى في مجال العقار والبناء؟ مطالبا بضرورة وضع معايير جديدة للاستفادة من الإعفاء الضريبي لإنجاز السكن الاجتماعي، ووضع حد لظاهرة النوار. إضافة إلى مراقبة مدى إنجاز تلك الشركات المستفيدة من الإعفاءات لعدد من معايير البناء والالتزامات الموقعة في إطار تشجيع المغاربة على امتلاك السكن. من جهته اعتبر أحمد بن قعراش، أستاذ الاقتصاد بكلية الحقوق بالمحمدية، أن الإعفاء الضريبي سلاح ذو حدين معتبرا أن أية سياسة عمومية يمكن قياس مدى نجاعتها وبالتالي نجاحها في طريقة تدبير ملف الضرائب والإعفاءات الجبائية. معتبرا في تصريح ل التجديد أن الضريبة في المغرب ما تزال رهينة السياسي، وأبرز بن قعراش أن الأهداف المعلنة بخصوص الإعفاءات الضريبية هي تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ثم تشجيع امتلاك السكن، وتنمية القطاع الفلاحي، أيضا تخفيض تكلفة التطبيب ودعم القدرة الشرائية. متسائلا: هل فعلا حجم الإعفاءات الضريبية تساهم في تحقيق هاته الأهداف؟ وأعطى بن قعراش نموذجا بقطاع السكن وقطاع الصادرات. حيث المستفيد الأول هي المقاولات الكبرى. في هذا السياق طالب بن قعراش بضرورة إعادة النظر في السياسة الضريبية في المغرب، في اتجاه مصاحبة القطاعات والمقاولات التي تلعب دور القاطرة بالنسبة للاقتصاد الوطني والتي لها أدوار اجتماعية أكبر. متسائلا: لماذا تستفيد مثلا المقاولات الكبرى من الإعفاءات أكثر مما تحصل عليه المقاولات الصغرى والمتوسطة. مع العلم، يضيف أستاذ الاقتصاد، أن المقاولات الصغيرة تشغل أزيد من 80 بالمائة من اليد العاملة. مشددا أيضا على ضرورة إعادة النظر من جديد في مقاييس احتساب الضريبة على الدخل، من أجل تشجيع الاستهلاك الداخلي وتحسين أوضاع الفئات الاجتماعية الدنيا، بدل الاتجاه فقط لتخفيض الضريبة على الشركات.