يوجد بالمغرب أزيد من 500 جريدة ومجلة بالمغرب، ما بين 7000 و8000 نقطة بيع، 987 مليون درهم إجمالي مداخيل الإشهار بالصحافة المكتوبة، فضلا عن العديد من المقاولات الصحفية المهددة بإغلاق بسبب صعوبة تحقيق توازن مالي، الذي يعرف العديد من الإكراهات على اعتبار أن كتلة القراء بالمغرب لا تتجاوز 400 ألف قارئ، بالإضافة إلى دعم الدولة، الذي يبقى ضعيفا إذا أخذنا بعين الاعتبار مصاريف الطبع والتوزيع والإكراهات أخرى، وبالتالي فإن الإشهار هو المحدد لهذا التوازن. وبينت معطيات تجمع المعلنين بالمغرب أن هناك اختلال في توزيع الإشهارات بالمغرب خلال سنة ,2008 سواء بين الصادرة باللغة العربية أو الصادرة باللغة الفرنسية، أو بين التي تبيع أكثر أو التي لا يتعدى عدد نسخها الألف أو الألفين نسخة، أوبين الجرائد والمجلات من جهة، ووفق معطيات هذا التجمع فإن الصحافة المكتوبة بالفرنسية تستفيد من نسبة كبيرة من المداخيل الإشهارية، مما يطرح العديد من الأسئلة عن الأسباب الحقيقية وراء ذلك، والخلفية التي تحم هذا التوزيع خصوصا أمام الأصوات التي ارتفعت مؤخرا من لدن مدراء جرائد إزاء التوزيع غير العادل للمداخيل الإشهارية، وعن أية ضوابط يتم اعتمادها في هذا الإطار. أحد أعضاء فدرالية ناشري الصحف كشف بأن نفقات الجرائد مرتفعة، وأن قطاع الإشهار يعرف العديد من النواقص، بالإضافة إلى جملة من المشاكل الأخرى التي تعرفها عملية التوزيع، والنظام الضريبي غير المشجع. أحد الفاعلين بالقطاع قال بأن هذه المعطيات تتناقض مع ما يتضمنه عقد البرنامج لتحديث المقاولة الصحفية، والذي ينص على أن تعمل وزارة الاتصال في إطار خطة لتشجيع الإشهار في الصحافة المكتوبة على اتخاذ إجراءات، تتمثل في السهر على تنظيم سوق الإشهار على مستوى الأثمنة خاصة في الصحافة المكتوبة والسمعي البصري، والمحافظة على حصة الصحافة المكتوبة في السوق. بالإضافة إلى الحد من عمليات الإشهار العمومي المجاني أو بأثمنة منخفضة بالصحافة المكتوبة. والسهر على التوزيع العادل للإعلانات الإدارية بين المقاولات الصحفية. والمساعدة على تحصيل مستحقاتها المتعلقة بنشر الإعلانات الإدارية المترتبة على المؤسسات العمومية. ووضع آليات ناجعة وإجراءات سريعة لأداء أثمنة الإعلانات الإدارية. ومراجعة أثمنة الإعلانات الإدارية في الصحافة المكتوبة، في اتجاه الرفع من قيمتها حسب الإجراءات الجاري بها العمل. من جهته، أفاد أحد أعضاء فدرالية ناشري الصحف أن المغرب يتوفر على أزيد من 500 جريدة ومجلة، 60 منها تحصل على دعم الدولة. وأبان التقرير السنوي لوزارة الاتصال لسنة 2006 أن عدد العناوين الصحفية وصلت إلى 398 عنوانا، منها 282 عنوانا عربيا، و107 عنوانا فرنسيا، وتسعة عناوين أمازيغية. وانطلاقا من معطيات تجمع المعلنين بالمغرب فإن حوالي 13 جريدة ومجلة فرونكفونية تستحوذ على نصف الإشهارات الموجهة للصحافة المكتوبة خلال سنة 2008 ، أي أن حصتها وصلت إلى 51 في المائة،، إذ تستفيد من 503 مليون درهم من إجمالي بلغ 987 مليون درهم. وبمقابل ذلك تستفيد 89 جريدة ومجلة من باقي المداخيل والتي تصل إلى 49 في المائة. واستحوذت ليكونوميست على حصة الأسد بحوالي 125 مليون درهم، متبوعة بكل من لوماتان بأزيد من 88 مليون درهم، والمساء ب65 مليون درهم، وتيلكيل ب45 مليون درهم والصباح ب42 مليون درهم ولافي إيكونوميك بنفس القيمة تقريبا، ثم أجوردوي لوماروك ولوجورنال وشالانج إيبدو ولوسوار إكو، وفام دي ماروك ولا سيتادين، وماروك إيبدو وأوفيط. وكشف مصدر من تجمع المعلنين المغاربة في تصريح سابق لالتجديد أن هناك اختلالات تطبع قطاع الإشهار، من قبيل العلاقات، أو لجوء بعض المؤسسات المستشهرة إلى تمرير خطابها ومواقفها تزامنا مع تقديم الإشهار. وفسر استحواذ المجلات والصحف المكتوبة بالفرنسية على المداخيل الإشهارية، بتوجه المستشهرين الذين يستهدفون فئة معينة من القراء وأن اختيار الوسائل الإعلامية، يقول المصدر، ينطوي على مجموعة من الاعتبارات، من قبيل نسبة القراء أو نسبة المشاهدة. وهمت هذه الاستثمارات الإشهارية حوالي 102 جريدة ومجلة عربية وناطقة بالفرنسية، حسب ما أكده تجمع المعلنين بالمغرب. وفيما يتعلق بالصحف والمجلات الصادرة باللغة العربية، جاءت المساء في الرتبة الأولى، تليها الصباح ثم الأحداث المغربية ونيشان والنهار المغربية، في حين أن الصحف الأقل استثمارا في الإشهار هي كل من النخبة والتجديد ومجلة النساء. وهو ما يطرح أكثر من سؤال عن تداخل المال والمهنة، والمصالح والتعتيم على بعض القطاعات. فهل المغرب مقبل على تغيير جذري للقطاع، أم أن المشاكل التي سبق ذكرها هي العنوان الكبير لهذا القطاع خلال السنوات المقبلة، الجواب سيكون جاهزا انطلاقا من ما سيتمخض عنه حوار الإعلام، أو أن ما سيأتي من أيام ستحمل أجوبة عن نواقص كثيرة طرحت.واعتبر بوعشرين مدير نشر جريدة أخبار اليوم المغربية في تصريح للتجديد أنه في العالم أجمع الصحف تمول بنسبة 80 بالمائة عن طريق الإعلانات، و30 بالمائة يمولها القراء. ولهذا أنا شخصيا أرى بأن تسييس الإعلانات والضغط على المستشهرين لوضع قائمة سوداء تضم عددا من المنابر الصحفية خطر يهدد الصحافة. ويجب بالتالي على النقابة الوطنية للصحافة المغربية وهيئة الناشرين أن تتصدى لهذه الممارسات، وأن تطالب الكونفدرالية العامة لمقاولات المغرب بوضع ميثاق أدبي ينظم أخلاقيات التعامل بين الشركات والصحافة مضيفا أن علاقة الإعلام بالإعلان علاقة غير صحية، لأن جزء من الإشهار أو الإعلان مسيس ويخضع لرغبات جهاز السلطة، التي تريد أن تمارس نوعا من الرقابة الناعمة على الصحافة وخصوصا المستقلة منها . وتسييس الإشهار هذا خطير من ناحيتين: من جهة أولى يهدد حياة عدد من المقاولات الصحفية الهشة أصلا اقتصادياتها. ومن جهة ثانية يضرب بحق الجمهور في المعرفة والاطلاع. وثالثا يمس بمبدأ التعددية. ونصبح أمام نمط إعلامي واحد بخط تحريري واحد وبخطوط حمراء متعددة. هذا أخطر ما أراه في عملية تسييس الإشهار ومحاولة توظيفه كسلاح فعال للعقاب. خالد مجدوب- علي الباهي