هل حداثة التفسخ التي ترفع شعار المساواة بين الفاعلين الجنسيين وتبحث عن تبرير الخيانة الزوجية وتطالب بإلغاء تجريم العلاقات الجنسية الاتفاقية خارج مؤسسة الزواج وتدافع عن الحق في بيع الجسد وامتهانه في سوق النخاسة البشرية والإباحة الشاملة للإجهاض، أم حداثة التقدم والتنمية وصيانة الكرامة الإنسانية وضمان الحق في الحياة. لعل هذا هو الخلاف العميق مع قسم من الحداثيين بهذا البلد، والذين اختزلوا قضاياهم - والذي نحمد الله على أنه أقلية داخل هذا التيار- في خدمة الإباحية الجنسية مثلما شاهدنا في تصريحات عبد الصمد الديالمي في يومية الأحداث المغربية. وهو خلاف يكشف العجز عن ضبط موقع المرجعية الإسلامية للمجتمع المغربي في توجيه الحياة العامة، ولهذا كان مفهوما أن تنتفض اليومية المذكورة ضد نقدنا للقرار الإسرائيلي بجعل الولاء ليهودية الدولة شرط التجنس بها واكتساب حقوق المواطنة فيها، لأن ذلك في نظرهم يعكس تناقضا باعتبار أن رفع شعار المرجعية الإسلامية لا ينسجم ونقد اعتماد الآخر الإسرائيلي لمرجعية دينية كأساس للمواطنة. وكأن موقف المرجعية الإسلامية من المواطنة هو نفسه موقف المرجعية المتطرفة للقيادة الإسرائيلية. لهذا لا بأس من تذكيرهم بأن الإسلام، ومنذ أول يوم تأسست فيه دولته في عهد الرسول الأكرم، اعتمد نظام المواطنة الذي يتأسس على المساواة في الحقوق والواجبات للمشتركين في الانتماء لنفس الأرض ، وتجلى ذلك في وثيقة المدينة اعتمدت من قبل سكان يثرب مسلمين ويهود ومشركين على اختلاف قبائلهم ونصت على قواعد واضحة في أمنهم وحرياتهم، وهو النموذج الذي يشكل مرجعية نقد التطرف العنصري الصهيوني المعاصر.