تراجع البرلمان الجزائري عن مناقشة مشروع قرار لتجريم الاستعمار يستهدف فترة الاستعمار الفرنسي التي استمرت 132 عامًا (1830/1962)، نظرًا ل اعتبارات دبلوماسية. وصرح رئيس المجلس الشعبي الوطني الجزائري (الغرفة السفلى في البرلمان) عبد العزيز زياري لإذاعة الجزائر الحكومية، السبت الماضي، أن مشروع القانون لن يكون مطروحًا على البرلمان خلال الدورة الجارية أو حتى القادمة، مرجعًا ذلك لاعتبارات قانونية ودبلوماسية (العلاقات مع فرنسا). ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن زياري، إن مشروع القرار يتطلب الكثير من التفكير ويطرح أيضًا بعض المشاكل التي يتعين حلها من دون أن يحدد ماهية هذه المشاكل، وشدد على أن بلاده تبقى صارمة في موقفها وتطالب فرنسا بالاعتراف بجرائمها المقترفة في مستعمراتها السابقة ولاسيما منها الجزائر. وكان 125 نائبا من عدة أحزاب قدموا مشروع قانون إلى مكتب المجلس الشعبي الوطني (النواب) في 25 فبراير الماضي، قبل أن يحال إلى الحكومة. وينص خصوصا على إنشاء محكمة جنائية خاصة لمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في الجزائر في عهد الاستعمار الفرنسي (1830 - 1962)، لكنه لا ينص على ملاحقات قضائية أمام المحاكم الدولية. ويضم مشروع القانون 20 مادة أولاها تجريم الاستعمار الفرنسي عن كامل الأعمال الإجرامية التي قام بها في الجزائر، ويطلب في مادة أخرى استرجاع الأرشيف الجزائري الذي استولت عليه فرنسا إبان احتلالها الجزائر. وينص المشروع في مادته الثالثة على عدم سقوط جرائم الاستعمار بالتقادم، وفي مادته الخامسة على محاكمة كل من قام أو شارك أو ساهم بأي فعل من الأفعال الواردة في المادة الثانية (جرائم الحرب، الإبادة الجماعية، الجرائم ضد الإنسانية) أمام محكمة جنائية دولية في الجزائر. وجاء تبني المشروع بناءً على دعوة من المجلس الوطني لحزب جبهة التحرير الوطني، حزب الغالبية البرلمانية، والذي ينتمي إليه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أوائل العام الجاري إلى سن قانون يجرّم الاستعمار ردًا على قانون فرنسي صدر في العام 2005 يمجد الاستعمار الفرنسي. وحرص الموقعون على إضفاء الصفة الدولية على المحكمة لإجبار فرنسا على الاستجابة، خاصة في ظل وجود نحو 20 جمعية فرنسية تضغط على حكومة بلادها للاعتراف بجرائمها في الجزائر. لكن هذه الخطوة لم تلق استحسان المستعمرة السابقة للجزائر، بعد أن حذر سفير فرنسا في الجزائر كزافيي دريانكور أخيرًا من أنه في حال المصادقة على مشروع قانون تجريم الاستعمار فلن تكون إشارة إيجابية بالنسبة لفرنسا. من جانبه، أيد سعيد عبادو الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين الجزائريين (قدامى المحاربين) المنظمة القوية المتوغلة في أجهزة الحكم تشريع قانون بتجريم الاستعمار، مؤكدًا دعم المنظمة لهذا المسعى كأحسن رد لقانون تمجيد الاستعمار.