سيظل الجدل محتدمًا حول مستقبل السلطة في مصر، حتى داخل الحزب الوطني الحاكم وإن كان بشكل غير علني حيال ترشيح جمال مبارك، نجل الرئيس المصري حسني مبارك، وأمين السياسات بالحزب لخلافة والده في الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل. ففي إشارة إلى اعتراض ما تسمى بمجموعة الحرس القديم داخل الحزب على ترشحه المحتمل، ذكرت مجلة نيوزويك الأمريكية أن الصراع يبدو متأججًا بين معسكرين داخل الحزب الوطني الحاكم في مصر حول هذا الأمر، فيما من المقرر أن يتم حسم اسم المرشح بحلول يونيو المقبل. وأوضحت المجلة أن جمال مبارك النجل الأصغر للرئيس المصري والذي عمل مصرفيًا لعدة سنوات في لندن يعتبر شخصًا محبوبًا لدى مجتمع رجال الأعمال، حيث يدفع في اتجاه الإصلاحات الليبرالية الحديثة. وقالت إن طبقة البيزنس داخل الحزب تدعم جمال كي تهدئ مخاوف المستثمرين إزاء ما سمته أزمة الخلافة على الحكم، بينما يقال إن الحرس القديم في الحزب متردد بسبب خلفية جمال المدنية ونقص الخبرة، وفق ما نقلت صحيفة المصري اليوم في عددها لأول أمس الثلاثاء. وكان الأمين العام للحزب الوطني صفوت الشريف صرح في غشت الماضي، أن الرئيس مبارك هو مرشح الحزب الوحيد داخل الحزب لانتخابات العام المقبل واعتبره الخيار المطروح ولا أحد آخر، وهو ما اعتبره محللون يشكل ضربة قوية لمشروع توريث السلطة في البلاد. لكن قادة بارزين بالحزب لم يستبعدوا إمكانية ترشح جمال واعتبروه المرشح البديل للرئيس مبارك في حال اعتذاره عن عدم خوض الانتخابات. وتوقعت نيوزويك أن يتخذ انتقال السلطة إلى نجل الرئيس مساره، طالما كان أثرياء مصر في جيبه، على حد تعبيرها. ويقول مراقبون إن نجل الرئيس يحظى بعلاقات واسعة في مجتمع رجال الأعمال في مصر، لكن هذا الأمر يثير انتقادات واسعة، خاصة حول أحمد عز أمين التنظيم بالحزب الحاكم والمقرب من جمال مبارك. ووصف المجلة موسم الانتخابات بأنه يتحول إلى فترة غامضة، مشيرة إلى أن بوسترات انتخابية تقول إن جمال مبارك.. حلم الفقراء انتشرت في الأحياء الفقيرة في جميع أنحاء البلاد. وأضافت أن هناك شيئًا غريبًا يتمثل في أن الرئيس مبارك الثمانيني لم يلمح أبدًا إلى من سوف يأتي خلفًا له في سدة الحكم. وأشارت إلى أن الحزب الوطني برئاسة مبارك نفى علانية أن تكون له علاقة بالحملة الشعبية المتنامية لدعم جمال، كي يترشح خليفة على الحكم في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مستدركة أن هناك قليلا من الأمور تحدث دون موافقة النظام الحاكم الضمنية في هذه البلاد التي تخضع لسيطرة شديدة. ونقلت عن مصطفى كامل السيد، المحلل السياسي، القول إن حملة دعم جمال هي رسالة من مسؤولي الحزب ذوى المستوى المتوسط والنخب الاقتصادية، لمبارك الأب، بأن الوقت قد حان. وكانت حرب بوسترات شهدها الشارع المصري خلال الفترة الأخيرة حول المرشحين المفضلين للرئاسة، وقد برز اسم اللواء عمر سليمان مدير المخابرات العامة المصرية، والمسؤول عن العديد من الملفات الهامة، ضمن هؤلاء، إلا أنه سرعان ما تم سحب ملصقات تدعم ترشحه. من جهتها، أدانت الجمعية الوطنية للتغيير ما وصفتها بوحشية الأجهزة الأمنية حيال المظاهرة المنددة ضد التوريث، الثلاثاء الماضي، والتي أدَّت إلى اعتقال نحو 54 متظاهرًا، والاعتداء على محمد عبد القدوس مقرر لجنة الحريات بنقابة الصحفيين، مؤكدةً أنها كانت بداية فقط لسلسلة من الفعاليات التي تناهض التوريث كي لا يُمرر في مصر. وقال د. عبد الجليل مصطفى منسق الجمعية الوطنية للتغيير ل(إخوان أون لاين): إن مظاهرة عابدين بداية لمسلسل من المظاهرات ضد التوريث والتزوير والتعذيب والبطالة وتصدير الغاز للكيان الصهيوني، وضد بيع الوطن بالرخيص، وبيع إرادة الشعب وحقوقه لحفنة من رجال الأعمال الذين يمارسون الفساد بكل ما أُوتوا ضد البلاد والعباد؛ حتى يرحل هذا النظام تمامًا، وتعود كرامة الشعب والوطن كاملة. وأضاف أن الشعب المصري كله يرفض التوريث، ويعتبره مهينًا لكرامته وتاريخه وحضارته؛ لذلك يقف جميعًا بكل قواه على قلب رجل واحد لاستنكار التوريث الذي يهدِّد الوطن ويستنزف جراح الشعب. وأوضح يضيف (إخوان أون لاين) أن حكومة الحزب الوطني تمرست خلف عِصِيِّ الأمن للدفاع عن التوريث، حيال غضب شعبي يرفض هذه السياسة المتخلفة، والتي لا يقرها القانون والدستور، مشيرًا إلى أن اعتقال العشرات وترويع الفتيات والسيدات دليلٌ على إرهاب الحكومة الزائد، وضرورة تطبيق الطوارئ على الحكومة قبل الشعب المصري. وأكد أن الوحشية الأمنية كان يجب أن تكون من باب أولى ضد المستثمرين وكبار المسؤولين الذين يروِّجون الكيف والمخدرات؛ للانتقام من شباب مصر، وليس ضد الشباب الحر والشريف الذي خرج في مظاهرة تناهض الفساد، وتدعو إلى مستقبل كريم للشعب والوطن. وطالب الشعب المصري بالتعاون في مواصلة الوقوف بقوة حول القوى الوطنية؛ للمطالبة بالإصلاح والتغيير وحقوق الشعب، ووقف الفساد والاستبداد العبثي والتوريث والتزوير والممارسات غير الإخلاقية، موضحًا أن النظام فشلت معه كل الوسائل في نصحه، ولا ينصت لأحد، ولا يستجيب سوى لمصلحته الشخصية. وأضاف أن الوحشية الأمنية وسيلة الحكومة العاجزة والفاشلة لفض الشعب من حول الشرفاء وأصحاب الرأي الحر، ووسيلة للدفاع عن بقاء سياساتها الظلامية، مطالبًا باستمرار الفعاليات وتقديم التضحيات حتى تتحقق مطالب الشعب في استعادة كرامة الوطن، والحصول على حقوقه كاملة، والإنصات لنصح وآراء الشرفاء. وكانت هيئات وشخصيات مصرية معارضة لنظام مبارك نظمت، بعد ظهر الثلاثاء الماضي في القاهرة تظاهرة احتجاجا على توريث محتمل للسلطة تخللتها اشتباكات متفرقة مع الشرطة واعتقال عدد من المتظاهرين. كما ألقي القبض على سبعة أشخاص خلال تظاهرة احتجاجية أخرى ضمت العشرات في الاسكندرية شمال كما ذكرت مصادر أمنية وصحافيون في المكان. وكان المشاركون في تظاهرة القاهرة يريدون التوجه إلى قصر عابدين، المقر الرسمي للرئاسة وسط العاصمة، إلا أن قوات الشرطة التي انتشرت بالآلاف منعتهم وأوقفتهم على بعد نحو 500 متر من الميدان المواجه للقصر الذي سدت كل المنافذ المؤدية إليه. وفي أجواء مشحونة ردد المتظاهرون، الذين بدأوا في التفرق مع حلول المساء، هتافات منددة مثل لا لتوريث الحكم ولا لجمال كما حملوا لافتة عريضة كتب عليها لا للتمديد لولاية الرئيس مبارك، لا للتوريث. واستنادا إلى المتظاهرين ألقت قوات الشرطة القبض على خمسة أشخاص وتعرضت متظاهرتان على الأقل للضرب من شرطيات. وجرت عدة مواجهات متفرقة بين قوات الامن والمتظاهرين. وصادرت قوات الأمن تسجيلات فرق العديد من القنوات التلفزيونية ومن بينها قناة الجزيرة القطرية وفقا لصحافيين في المكان. وضم هذا التجمع أعضاء في حركة كفاية وعناصر يسارية وأعضاء في أحزاب المعارضة وانصارا للمعارض الإصلاحي محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية. لكن لم يشهد أي وجود لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين، التنظيم المعارض الرئيسي الذي يمارس نشاطه فعليا رغم كونه تنظيما محظورا. ومن المقرر أن تجرى انتخابات تشريعية في مصر في نونبر المقبل تعقبها العام المقبل انتخابات رئاسية.