نفى إدريس بنزكري، رئيس هيئة الإنصاف والمصالحة، في آخر خرجة إعلامية له، أن يكون بالمغرب ما يعرف بمقابر جماعية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في عهد مضى من سنوات الاحتقان السياسي، لكنه أكد أن الهيئة استطاعت تحديد أماكن قبور فردية لجثث متوفين من ضحايا انتهاكات الماضي، دون أن يحدد أماكنها قائلا، في حديث أخير له لوكالة رويترز الدولية للأنباء، "هذا سابق لأوانه". وقال بنزكري، وفق ما ورد في الحوار ذاته، "لقد اشتغلنا على هذا الجانب (يقصد جانب المتوفين من ضحايا التعذيب سابقا) وحددنا أماكن المتوفين، وهي عبارة عن مقابر في فضاءات متقاربة وليست حفرا جماعية". وأشار بنزكري، في هذا السياق، إلى أن "الدولة المغربية سبق وأن اعترفت بالمتوفين، دون أن تحدد أماكنهم"، وبعد اشتغال الهيئة على هذا الموضوع وجدت أن الأمر، حسب قول بنزكري، يتعلق ب"قبور عادية فردية على الطريقة المغربية (...) وبعضها موجود في معتقلات باتت شهيرة كمعتقل تزمامارت". وقد تعذر على التجديد الاتصال صبيحة أمس (الخميس) برئيس هيئة الإنصاف والمصالحة لاستقاء رأيه في هذا الموضوع. ويأتي تصريح بنزكري هذا ردا على قول بعض الجمعيات الحقوقية بوجود مقابر جماعية بالمغرب دفنت فيها مجموعات من ضحايا انتهاكات حقوقية جسيمة، بل تؤكد بعضها أن لديها القناعة بوجود هذا النوع من المقابر من خلال شهادات ضحايا تلك الانتهاكات، مثلما تحدث عن ذلك الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني في تصريح هاتفي مع التجديد. وقال عبد المومني، الذي كان سابقا نائب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إن "الشهادات المتوفرة لدى الجمعية تعطيها القناعة بأن عبارة المقابر الجماعية تنطبق على العديد من الأماكن ببلادنا، بعضها مرتبط بضحايا الانتفاضات الجماعية كمثل تلك المتعلقة بأحداث يونيو 1981 بالدار البيضاء"، مضيفا أن القول بوجود مقابر وإن كانت متفرقة يستدعي "أن يكون هناك تفصيل وتوضيح فيها". وزاد عبد المومني قائلا إن "الشهادات المتوفرة بهذا الخصوص، بما فيها إمكانية الاعتراف بوجود مقابر وإن كانت غير جماعية من طرف جهاز ائتمنته الدولة على الإقرار بالحقائق، يذهب بنا إلى التساؤل عما إذا كنا في دولة الحق والقانون، ومن ثم يتم إقرار الحق ومساءلة المسؤولين عن الجرائم، أم أننا في دولة تقول نعم وقعت جرائم، ولكن لا بأس، لن نحاول معرفة ضحاياها وأكثر من ذلك المسؤولين عنها". وكانت بعض شهادات ضحايا انتهاكات الماضي، التي تم الاستماع إليها الأسبوع ما قبل الماضي، في إطار جلسات الاستماع العمومية، قد أشارت إلى وفاة عدد من المعتقلين في المعتقلات السرية، لكنها لم تتحدث عن أماكن دفنهم ولا عن طريقة الدفن. وفي هذا السياق، شهد على سبيل المثال، المعتقل السابق شاري الحو، خلال جلسات الاستماع هاته، قائلا "إنه كنا نقضي 24 ساعة ونحن ممددون، فضلا عن نقص التغذية والغياب التام للعلاجات الطبية وشروط النظافة... ومن كان يتوفى منا يتم سحبه من المجموعة"، ثم يضيف "كنا مجموعة تضم 14 محتجزا (بمعتقل أكدز) توفي منا سبعة أثناء الاحتجاز وأربعة آخرون بعد إطلاق سراحهم". يونس البضيوي