أكد الحسن عاشي، الباحث في مركز "كارنيغي"، أن التحدّي اليوم بالنسبة إلى المغرب هو عدم ترك ما يقارب 1.7 مليون مغربي خرجوا من براثن الفقر خلال العقد الماضي، الرجوع إلى دائرة الفقر من جديد، وهو ما يتطلب إيلاء أولوية كبرى للتعليم ومكافحة الأمية، وانتهاج سياسات مالية تهتم أكثر بإعادة التوزيع لخفض الفوارق الاجتماعية، وتوفير حوافز مناسبة لأصحاب الأنشطة غير الرسمية للانضمام إلى الاقتصاد الرسمي والمنظّم. وأضاف عاشي، حسب ما جاء في الموقع الإلكتروني للمركز، أنه على الرغم من أن المغرب سجّل انخفاضاً مهما في معدّل الفقر خلال العقد الماضي، إلا أنه لا يزال بعيداً عن تقديم نموذج مثالي. وذكر المصدر ذاته أن المشاركة النشطة لمنظمات المجتمع المدني المحلية، أسهمت في انخفاض معدّل الفقر في البلاد. فقد سمحت الدولة في البداية بعمل المنظمات غير الحكومية، لأن هذه الأخيرة ركّزت على تقديم الخدمات ولم تدخل في أي سياسة مواجهة. وساهمت الشراكة التي عقدتها المنظمات غير الحكومية مع الدولة والمجالس المحلية، بهدف توفير الكهرباء والمياه وتحسين معدّلات معرفة القراءة والكتابة، في تعزيز موقفها. ثم سمح تعديل الإطار القانوني للجمعيات في العام 2002 للمنظمات غير الحكومية في المغرب بالاستفادة المباشرة من المساعدات الأجنبية. وأشار إلى أن المغاربة العاملين في الخارج يلعبون أيضاً دوراً بارزاً في خفض معدلات الفقر عن طريق تحويل الأموال إلى ذويهم وأقاربهم. في المتوسط، يُحوّل كل مهاجر مغربي شهرياً ما يعادل 100 دولار لعائلته. وتُمثل الهجرة المتزايدة لأحد أفراد الأسرة إلى الخارج استراتيجية رئيسية لانتشال الأسرة من براثن الفقر. وتُمثّل التحويلات نسبة 8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في المغرب، و5 في المئة في مصر، وأقل من 3 في المئة في سورية. وأوضح أن بإمكان البلدان العربية الأخرى أن تستفيد من تجربة المغرب، فأقل من 9 في المائة من المغاربة يصنّفون اليوم على أنهم فقراء، مقارنةً بنسبة تناهز 16.2 في المائة قبل عقد من الزمن. وقال عاشي، إنه ما بين العامين 1980 و2010. انخفض معدل الخصوبة في المغرب من 6 إلى 2.4 طفل لكل امرأة بالغة، وهو أعلى بكثير من الانخفاض الذي سُجِّل في مصر وسورية على سبيل المثال. وقد أدى هذا الانخفاض في الخصوبة إلى تخفيف الضغط على الإنفاق العام الجاري، وسمح بتخصيص المزيد من الأموال لمشروعات البنية الأساسية العامة. كما أدّى إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي للفرد بنسبة 6.3 في المائة على مدى العقد الماضي، بالمقارنة مع 2.8 و1.6 في المائة في مصر وسورية.