يباح للصائم السواك لما روى الترمذي عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي يتسوك وهو صائم وقال الترمذي: حديث عامر بن ربيعة حديث حسن، والعمل على هذا عند أهل العلم، لا يرون بالسواك للصائم بأسا، إلا أن بعض أهل العلم كرهوا السواك للصائم بالعود الرطب لما فيه من الطعم، وكرهوا له السواك آخر النهار لما فيه من إزالة خلوف فم الصائم. فأجاب ابن سيرين عن المسألة الأولى فقال: لا بأس بالسواك الرطب ، قيل: له طعم ، قال: والماء له طعم وأنت تمضمض به. و المسألة الثانية رد عنها بما روي عن معاذ لما سئل: (أأتسوك وأنا صائم ؟ قال : نعم . قلت : أي النهار أتسوك ؟ قال : أي النهار شئت ، إن شئت غدوة ، وإن شئت عشية . قلت : فإن الناس يكرهونه عشية ، قال : ولم ؟ قلت : يقولون إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ) . فقال : سبحان الله ! لقد أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسواك حين أمرهم وهو يعلم أنه لا بد أن يكون بفي الصائم خلوف وإن استاك ، وما كان بالذي يأمرهم أن ينتنوا أفواههم عمدا ، ما في ذلك من الخير شيء ، بل فيه شر ، إلا من ابتلي ببلاء لا يجد منه بدا..). قال صاحب تحفة الأحوذي : إسناد هذا الأثر جيد كما صرح به الحافظ في التلخيص الحبير . ومما يباح للصائم التبرد بالماء من شدة الحر أو العطش، سواء صبه الصائم على رأسه أو انغمس فيه، لما رواه أبو داود عن أبي بكر بن عبد الرحمان عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أنه حدثه فقال: ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصب على رأسه الماء وهو صائم، من العطش أو من الحر ومما هو مباح أيضا الحجامة، لما رواه البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم. وتكره إذا كانت تضعف الصائم، قال الإمام مالك في موطئه: لا تكره الحجامة للصائم إلا خشية من أن يضعف ولولا ذلك لم تكره ولو أن رجلا احتجم في رمضان ثم سلم من أن يفطر لم أر عليه شيئا ولم آمره بالقضاء لذلك اليوم الذي احتجم فيه، لأن الحجامة إنما تكره للصائم لموضع التغرير بالصيام فمن احتجم وسلم من أن يفطر حتى يمسي فلا أرى عليه شيئا وليس عليه قضاء ذلك اليوم ويمكن أن نقيس عليها في زماننا التبرع بالدم إذا سمح الطب بذلك ولم يلحق ضرر بالصائم. ومما يباح أيضا السفر لغرض مباح، وإن علم الصائم أن هذا السفر سيلجئه إلى الإفطار. وكذا التداوي بما لا يصل منه شيء إلى الجوف. ويباح مضغ الطعام لطفل صغير عند الضرورة، بشرط ألا يصل منه شيء إلى الجوف. وأقول في زماننا بإباحة ذلك ما لم يثبت ضرر فيه.