انعكست أجواء الحرب بين الولاياتالمتحدةالأمريكيةوإيران في الشرق الأوسط على أسواق المحروقات العالمية. وسجلت أسعار النفط صعودها في التعاملات الآسيوية الثلاثاء الماضي ليبلغ سعر البرميل 82 دولارا. ويتزامن الارتفاع في سعر النفط من جديد مع دخول الحكومة المغربية في تحديد التوجهات الكبرى لمشروع القانون المالي للسنة المقبلة، بعد أن اعتمد قانون المالية للسنة الحالية سعر 75 دولارا في توقعاته المالية، مما رفع من عجز الميزانية إلى أزيد من 12 مليار درهم. ويتخوف ملاحظون من أن تؤدي العقوبات المفروضة على إيران، بالإضافة إلى التسريبات الأمريكية الأخيرة حول توفر واشنطن على خطة جاهزة لضرب إيران ورد هذه الأخيرة بكونها مستعدة للمواجهة، إلى موجة جديدة من ارتفاع سعر النفط. وشدد هؤلاء على أن المغرب، الذي يستورد 96 في المائة من حاجياته من الطاقة، مرتبط بقوة بالخارج بخصوص المحروقات، مشيرين إلى أن سعر هذه الأخيرة يؤثر بشكل مباشر في أسعار السلع والخدمات بالمغرب. ويأتي التطور الجديد في سعر النفط في السوق العالمية في ظل ظرفية اقتصادية وطنية صعبة لعل أهم مؤشراتها: استمرار تراجع المداخيل الضريبية، والتي فقدت خلال الأشهر الخمسة الماضية ما مجموعه مليارين و176 مليون درهم مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية. كما أن صندوق المقاصة قد استنفذ، إلى حدود نهاية يونيو الماضي، أزيد من 91 في المائة من الميزانية المخصصة له. وتراجعت الاستثمارات المباشرة الأجنبية بأزيد من 18 في المائة خلال النصف الأول من السنة الماضية. فضلا عن العجز المزمن في الميزان التجاري المغربي، والذي بلغ أزيد من 75 مليار درهم في الأشهر الستة الأولى من السنة الجارية. وقال زهير الخيار، أستاذ الاقتصاد، إن الظرفية الاقتصادية العالمية المتسمة بارتفاع أسعار المحروقات سيكون لها انعكاس على الجانب الماكرواقتصادي والاجتماعي بالمغرب، على اعتبار أن التحضير للميزانية يعتمد على سعر البرميل والموسم الفلاحي. وأكد الخيار، في تصريح لالتجديد، أن التغييرات المناخية تشير إلى أن الموسم الفلاحي سيكون ضعيفا، وإذا أضفنا سعر البرميل، الذي عرف ارتفاعا، فإن ذلك سيكون له انعكاس على المستوى المعيشي وعلى المداخيل والاستثمار والاستهلاك. وبخصوص اعتزام انتهاج الحكومة المغربية لسياسة تقشفية، أكد الخيار أن تجربة التقويم الهيكلي أبانت أن لهذه السياسة انعكاسا على المستوى الاجتماعي ما تزال أثاره لحد الآن. وأوضح أن هذه السياسة التقشفية ستطرح إشكالا لأنها لا تكون عامة ولا تشمل الوزراء والبرلمانين والموظفين السامين المستفيدين من امتيازات تفضيلية كثيرة، في حين يمارس التقشف على الطبقات المتوسطة والضعيفة، مشيرا إلى أنه من بين هذه السياسة؛ عدم التوظيف. وأبرز الخيار أن اعتماد هذه السياسة تنعكس على القدرة الشرائية للموطن وعلى المدخول الذي ينعكس بدوره على الطلب وعلى تقليص الشركات من الإنتاج والاستثمار مما يخلف تسريح العمال، داعيا أن تكون هذه السياسة التقشفية عامة على الجميع.