كما تمت الإشارة في الحلقة الماضية، ننتقل إلى الحديث عن دور الاعتبارات الاجتماعية والثقافية في تحديد تقسيم السلط والوظائف في البيت بين الرجل والمرأة. وفي ظل هذا الاعتبار تم تأنيت جل الوظائف المنزلية، بل و تم تأنيث وظائف كانت حكرا على الرجل إلا بوجود ضرورة قاهرة، من مثل التسوق الذي أصبح وظيفة من وظائف المرأة في الأسرة بامتياز. إن الإشكال الذي تطرحه الثقافة الأسرية في تقسيم الوظائف المنزلية لا يتعلق فقط بما تمت الإشارة إليه من جعل القيام بجل الوظائف المنزلية من مسؤولية المرأة وحدها، بل إن تلك الثقافة وضعت حواجز نفسية وفكرية أمام الرجل الذي تحدثه نفسه بالقيام ببعض تلك الوظائف داخل بيته وبعيدا عن الأنظار، أما أمام الملأ، كنشر الغسيل مثلا، فتلك كارثة عظمى. فصفة الرجل، كقيمة اجتماعية خاصة، تخصص لها تلك الثقافة معايير سلبية تدور حول كون الرجل، لا يصبن ولا يطبخ و لا يكنس ولا ... بل لا يهدهد أطفاله ولا يصطحبهم إلى المدرسة... ووفق تلك الثقافة يقاس ضعف الرجل(بالدارجة) أمام زوجته المرا (بالدارجة) بمقدار إتيانه تلك الأعمال. وفي بحر اللآءات الذكورية تلك تضخمت أنانية الرجل وأنتجت سلوكا هروبيا يفقد كل معاني الحب والرحمة وكل قيم التعاون والتكافل... فقد يستلقي الرجل مستغرقا في تأملات فارغة أو في مشاهدة برامج تافهة أو في لعبة الكلمات المتقاطعة في الوقت الذي تأن فيه زوجته المرا في لعبة العضلات المقطعة تحت وطأة أعمال شاقة من الظلم أن تقوم بها المرأة أصلا فكيف بأن تقوم بها وحدها. وتبلغ أنانية الرجل حد المرض العضال حين لا يدرك مدى الظلم المادي والمعنوي الذي يمارسه على زوجته التي قد يكون قد بادلها عبارات الحب والمودة... ويصل مستوى النرجسية الثقافية حين يدمن الهروب من البيت في أوقات الفراغ، إلى المقاهي وما شابهها، ليدخل في أوقات الأكل والنوم جبارا متسلطا لا يرى غير ما تبقى من نواقص أعمال زوجته ليتجه بالنقد أو الضرب إلى ما تبقى من المرا زوجته! (يتبع)