قالت صحيفة بريطانية إن صداقة الرئيس مبارك مع الكيان الصهيوني أصبحت مصدراً للإزعاج الدائم، لافتة إلى أن عملية القرصنة الصهيونية سببت صداعاً نصفياً للرئيس مبارك في الوقت الذي يحتاج في أن يكون في قمة مستواه. وتابعت صحيفة الغارديان البريطانية، في عدد السبت الماضي، قائلة إنه على الصعيد المحلي، فإن دور مصر كشريك في الحصار الصهيوني على غزة طالما كان نقطة ضعف مبارك السياسية الكبرى، فإلى جانب إغلاق معبر رفح مغلق بشكل كبير واستخدام الغاز بشكل منتظم في الأنفاق بين مصر وغزة والتي يعتمد عليها الفلسطينيون كطوق نجاة اقتصادي، قامت مصر أيضاً بمنع قوافل الإغاثة من الدخول إلى غزة من خلالها وقامت بدور كبير في فشل المصالحة بين فتح وحماس. وأضافت أن المكافآت التي تجنيها النخبة الحاكمة في مصر بتسهيلها الحصار غير القانوني ضد شعب عربي شقيق لها جانبان: الأول أن هذا الحصار يعطي مصر الفرصة لإحتواء وشل حركة حماس التي تعتبرها خطراً على هيمنتها الوطنية والإقليمية لعدة أسباب أهمها ارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين المعارضة شبه المحظورة في مصر. والثاني أنه يعطي مصر لقب الدولة المعتدلة التي تحظى بدعم الولاياتالمتحدة وسط النظم الإستبدادية في الشرق الأوسط. وأشارت إلى أن تلطف مبارك لكيان العدو يفتح الباب أمام مليارات الدولارات من المساعدات من واشنطن، والتي يعتمد عليها مبارك في تمويل أجهزته الأمنية التي يستخدمها للبقاء في السلطة، كما أنها تساعده في أن يغض الغرب الطرف عن الانتهاكات الصارخة لمبادئ الديموقراطية وحقوق الإنسان في هذه البقعة المضطربة في شمال إفريقيا. إلا أن الثمن الذي تدفعه الحكومة المصرية في هذه الصفقة يأتي في شكل شرعيتها العامة، بحسب الصحيفة، فعلى الرغم من أن مصر رسمياً في سلام مع كيان العدو، إلا أن الغالبية العظمى من الشعب المصري تعارض التطبيع مع الكيان الصهيوني، ناهيك عن الدعم السياسي واللوجيستي للخنق الاقتصادي والاجتماعي لمليون ونصف مليون من الشعب الفلسطيني الشقيق، مضيفة أن قتل ناشطي أسطول الحرية، وكما كان متوقعاً، أثار موجة من المشاعر المناهضة للكيان بين المصريين. وأكدت الصحيفة البريطانية أن التحدي الآن لحركة المعارضة المتفرقة يتمثل في توجيه غضب الشارع المصري نحو إدانة الحكومة المصرية أيضاً، مشيرة إلى أن التاريخ الحديث في صف المعارضة، حيث أدت الأزمات السياسية الإقليمية في العقد الأخير إلى ارتفاع حاد في عدد الأشخاص الذين يتظاهرون في شوارع مصر، خصوصاً في الانتفاضة الفلسطينية عام 2000 وأثناء الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 حيث تجمع أكثر من 40 ألف شخص في ميدان التحرير لمدة 24 ساعة كاملة قبل أن تتمكن قوات الأمن من تفريقهم، وأشارت بأنه في كلتا المناسبتين تحولت المظاهرات إلى نقد قوي للاستبداد المحلي، حيث قام المتظاهرون بالربط بين الظلم الواقع خارج حدود مصر والظلم المتفشى داخلها. وأضافت الصحيفة أن أحداث أسطول الحرية تسير على نفس الطريق، حيث امتدت شعارات المتظاهرين المعادية لإسرائيل لتنتقد القمع الذي مارسه الأمن المصري في يوم تزوير انتخابات مجلس الشورى، حيث قام بعض المتظاهرين بتشبيه المجازر الصهيونية في غزة بمجزرة أصوات الشعب التي ترتكبها الحكومة المصرية. إلا أن الصحيفة استدركت قائلة أنه من الحكمة عدم المبالغة في إمكانيات مثل هذه المظاهرات، فمن الناحية العددية هي لا تزال صغيرة، كما أن الكثير من المصريين لا يزالون يخشون التعبير عن معارضتهم للرئيس مبارك بشكل علني خوفاً من العواقب. ولكنها أكدت أن هذا لا يعني أن مبارك خرج من المأزق، فمع الأوضاع الإقتصادية المتدهورة وترسيخ الجمود السياسي بشكل أكبر، واقتراب موعد الانتخابات في الوقت الذي يعتقد فيه الكثيرون أن الرئيس مبارك يقترب من أنفاسه الأخيرة، فإن سفك الدماء الذي مارسته إسرائيل في البحر المتوسط يدخل عنصراً جديداً من عدم اليقين إلى ما يقترب من أن يكون العاصفة المثالية التي ستطيح بنظام مبارك. وأضافت أنه مما يثير قلق الحكومة المصرية أكثر أن نفوذها في الساحة الفلسطينية - الصهيونية أيضاً آخذ في التراجع. واختتمت قائلة أنه بعد أن وقع في مأزق بين موقف شعبه وموقف مموليه، فإن أوقاتا صعبة تنتظر الرئيس مبارك أحد أقدم حماة الغرب في الشرق الأوسط.