تساءل السيد السعيد سعد الله، دركي سابق، في رسالة حصلت عليها التجديد، عن الأسباب الكامنة وراء عدم تنفيذ إدارة الدرك الملكي ما وصفه بحكم قضائي نهائي، صدر ضد الإدارة عن الغرفة الإدارية للمجلس الأعلى منذ ثلاث سنوات، يقضي بالطعن في قرار الطرد الذي تعرض له بعد 18 سنة من العمل، بسبب ما نعته سعد الله ب"مكائد وافتراء من طرف بعض المسؤولين بالإدارة". وقال سعد الله، في الرسالة التي حملت عنوان (حكم قضائي نهائي ينتظرالتنفيذ)، إنه تعرض لالطرد بسبب مكائد وافتراء من طرف بعض المسؤولين بالدرك الملكي بعد 18 سنة من العمل، فالتجأت إلى القضاء الذي أنصفني مرتين، مرة بحفظ الشكاية، ومرة بحكم نهائي صادر عن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى، قرار رقم 818 بتاريخ 25 7 2002"، إلا أن هذا الحكم يضيف المشتكي "لم يعرف طريقه إلى التنفيذ رغم جميع المساعي التي قمت بها، ورغم شمول الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه". وتساءل سعد الله، في سياق ذلك، عما إذا كانت الإدارة خارجة عن القانون، وكيف لم تتم الاستجابة لطلباته العديدة للقاء المسؤولين ليتسنى له توضيح حيثات ما وصفه بالملف المفبرك. وذكر المتضرر أن جميع المحاولات التي قام بها للقاء بوزير العدل وقائد الدرك الملكي باءت بالفشل. بين أدلة الدركي المقال وأدلة الإدارة وتفيد وقائع الحكم الصادر عن المجلس الأعلى للقضاء، الذي توصلت التجديد بنسخة منه من المتضرر، أن سعد الله بصفته مستأنفا رفع مقالا بتاريخ 6 يوليوز 2001 يرمي إلى إلغاء القرار الصادر عن المحكمة الإدارية بمكناس بتاريخ 29 03 ,2001 فيما أدلى المستأنف عليهم (الوزير الأول ومن معه) بمذكرة جوابية بتاريخ 20 دجنبر 2001 ترمي إلى رفض الطلب. وتقول الوقائع إن الطاعن، الذي ينوب عنه الأستاذ أحمد بنشريفة، طلب، بسبب الشطط في استعمال السلطة، إلغاء القرار الضمني الصادر في 14 ماي ,2000 القاضي بعزله من منصبه كدركي برتبة رقيب أول، موضحا أنه قضى 18 سنة من الخدمة بشرف ونبل واستقامة، ولم يكن محط شبهة أو ارتكب مخالفة مهنية أو غيرها مما قد يضر بسمعة الهيأة التي ينتسب إليها أو خالف أمرا من أوامر رؤسائه. وقد علل سعد الله طلبه كما تشير إلى ذلك وقائع المحاكمة بكون القرار المطعون فيه جاء معيبا شكلا، وذلك لعدم صياغته في القالب القانوني المطلوب، بالإضافة إلى أنه غير معلل ومخالف للقانون. بالمقابل أجاب العون القضائي بصفته هاته ونيابة عن الدولة المغربية في شخص الوزير الأول بكون واقعة الارتشاء ثابتة في الطاعن (سعد الله)، وقد تمت معاينتها من طرف فرقة الارتشاء في صفوف الدرك الملكي، وبذلك فإن القرار الذي قضى بعزله يكون مشروعا، وبعد أن فقد كل الأسباب المعتمدة في الطعن التمس رفض الطلب. قرار المحكمة لصالح سعد الله وقائع المحاكمة تنقل عن رئاسة الجلسة المنعقدة بتاريخ 25 يوليوز 2002 قولها إنه "من حيث العيب القائم على خرق القانون، بدليل أنه لا وجود لما يبرره وعدم ثبوت المخالفة، وحيث حقا ما يتمسك به الطاعن من كون القرار المطعون فيه مخالف للقانون لعدم ثبوت المخالفة التي أسست الإدارة عليها قرارا، بمعنى أن القرار منعدم السبب، وحيث إنه من خلال وقائع الملف، خاصة جواب الإدارة، وكذلك المحضر المحرر من طرف الضابطة القضائية، بشأن واقعة الارتشاء، فإنه لا يمكن أن يستشف منه ثبوت هذه الواقعة بصفة قاطعة". وأشارت رئاسة المحكمة في سياق شرحها إلى أنه إذا كان من المتفق عليه فقها وقضاء أن أي قرار إداري يجب أن يقوم على سبب يبرره، وهذا السبب هو الحالة القانونية أو الواقعية التي تسوغ تدخل السلطة الإدارية في اتخاذ القرار، وعلى الإدارة إثبات قيام الوقائع في الزمان والمكان، وإلا اعتبر تصرفها تجاوزا في استعمال السلطة يبرر الإلغاء مادام لا يوجد بالملف ما يثبت هذه الوقائع، يبقى القرار المطعون فيه منعدم السبب ويتعين إلغاؤه. محمد أفزاز