هل قرأتم هذا الخبر؟ لقد زار كاظم الساهر بلادنا واستقر في عاصمتها العلمية أياما، وغنى لنا في ساحة أبي الجنود (بوجلود) وفي أماكن أخرى، وكرمه رئيس مجلس المدينة وأهداه مفتاحها، فإلى كاظم نوجه هذه الرسالة: سيدي كاظم، السلام عليك أيها الفاتح العظيم، لقد نلت منا تكريما وترحيبا لم يحلم به قط أحد من مطربي بلادنا الذين لا يطربون في نظر المسؤولين، ها نحن سيدي سلمناك مفتاح مدينتنا العريقة فاس، فافتحها وادخلها وقت ما شئت، وأغلقها على ساكنتها متى يحلو لك، كما أغلقت أثناء مقامك بينهم بعض الطرقات والشوارع في وجه حركة المرور. نشكرك سيدي كاظم، فأنت لم تحرك فقط أكف ورؤوس وبطون وألسنة من احتشدوا لتغني لهم، ولكن حركت الحركة كما نقول نحن المغاربة، فهيأنا سيارات الإسعاف لأولئك اللواتي أغمي عليهن عندما رأينك تغني لهن أغانيك المشهورة مثل أبحث عنك أو أحبيني بلا عقد أو أغازلك أو الجميلة أو سيدة عمري، واسمح لي أن أتوقف في السرد عند هذا الحد كي لا يغمى علي أنا أيضا وليس بقربي سيارة إسعاف، وكيف لا يغمى عليهن وأنت القائل في إحدى أغانيك إنك عندما تحب تكف الأرض عن الدوران، وإن كان غاليليو قد اكتشف أن الأرض تدور فنحن العرب نفخر بأن فينا من تطرب الأرض لغنائه وحبه فتكف عن الدوران.
نشكرك سيدي كاظم لأنك حركت عشرات من رجال أمننا ليوفروا لك الأمن، ورآهم المجرمون وقطاع الطرق وبائعو المخدرات فعلموا أن لنا رجال أمن، ومجرمونا ولا شك بعد أن تغادرنا وفي جيبك ملايين الدراهم من أموالنا العامة سيختفون ويتوارون عن الأنظار خشية أن يطاردوهم ويضيقوا عليهم الخناق ويرموا بهم وراء القضبان. وسكان فاس سيدي كاظم إذ يشكرونك على هذه الخدمة الجليلة يعدونك بألا يعودوا إلى التظاهر بالآلاف احتجاجا على قلة الأمن كما فعلوا منذ شهور.
قل لنا سيدي أُحِبكم كي تزداد أسعارنا وتزداد ديون مدينتنا، قل لنا أحبكم فبغير حبك لن نجد قمحا أو نخيلا، قل لنا أحبكم فحبك لن يُبقي فينا كسولا، سعداء نحن لو تغدو حبيبنا ولن ننسى لك الجميلا، قل لنا أحبكم فالمسؤولون بمدينة المولى إدريس قد وفروا لساكنتها كل شيء ولم يعد ينقصهم سوى أن يرقصوا على نغماتك كما رقص وسيرقص باقي المواطنين في مدن أخرى على نغمات فنانات لبنانيات، تأتون وتغنون ساعات ثم تعودون ومعكم ملايين الدراهم، وشبابنا العاطل يصيح وتهشم عظامه كل يوم أمام البرلمان، ومرضانا يعصرهم الإهمال وينساهم المسؤولون في دائهم ولا يأتونهم بالدواء، وليسوا مثلك أنت الذي تغني ونسيت دائي حين جاء دوائي، تطيرون بأموالنا وترحلون وتتركون أزبالنا تزكم روائحها الأنوف في كل مكان، وفنانينا في الأزقة ينشون الذباب، وحتى قانونهم المنظم لم ير النور إلا بعد مخاض عسير، ولما ولد ولد معاقا، وهو إلى اليوم ينتظر أن يفرج له وزير الثقافة عن مراسيمه التطبيقية.
وعلى كل حال سيدي كاظم، فسواء أخذتم ملاييننا أو تركتموها فلن نستفيد منها، لأن بيننا من يستأثرون بها لأنفسهم ولمصالحهم، ولا فرق في الحقيقة بين أن تطير بها أنت أو هيفاء أو نانسي أو إليسا وبين أن يطير بها بعض المسؤولين الجماعيين.
وإذا كنت قد غنيت قصيدة التحديات لنزار، فنحن نتحدى سيدي كاظم كل شعوب العالم أن تستقبلك كما استقبلناك، وأن تهديك المفتاح كما أهديناك، وحتى تعلم قيمة هذا المفتاح، فالآلاف منا لا يملكون مفاتيح ولا بيوتا تأويهم، وأنت ملكناك مفتاح مدينة بأكملها، فعد إلينا بعد سنتين ننتخبك على رأس مجلسها الجماعي، فلأنت خير لها ولنا ممن يهدرون أموالنا في مهرجانات النعيق وهز البطون. لكن عذرا سيدي، إذا عدت إلينا فلن نستقبلك ولن نقبل ترشيحك إلا ومفتاح بغداد معك.