تمثل قضية الدكتور المولد (أ-ص) في بني ملال واحدة من الأمثلة القليلة التي وصلت إلى القضاء، والتي تكشف الدور الذي يلعبه الإهمال وسوء المعاملة في وفيات الأمهات أثناء الوضع. فقد أصدرت ابتدائية بني ملال بداية هذه السنة حكمها بالسجن 8 أشهر حبسا نافذا وغرامة 500درهم في حق الدكتور المولد (أ-ص) ومؤاخذته من أجل القتل الخطأ الناتج عن الإهمال. فيما حكمت في نفس الملف على الممرضة(س. و) بشهرين حبسا نافذا وغرامة قدرها 500 درهم ومؤاخذتها من أجل عدم تقديم مساعدة لشخص في خطر، وقضت المحكمة بعدم قبول المطالب المدنية نتيجة عيب شكلي. وكانت المحكمة تتابع الطنينين طبقا للفصول 431 و432 و248 من القانون الجنائي وقدما في حالة سراح في ملف جنحي رقمٍ 3217/.02 وترجع أطوار هذه القضية الى أواخر سنة ,2008 إذ فجرتها وسائل الإعلام بعد تسجيل سلسلة من الوفيات بقسم الولادة ببني ملال تلتها تقارير المركز المغربي لحقوق الإنسان حول التجاوزات التي كان يقترفها الدكتور (أ .ص)، والتي أدت إلى وفاة عدد كبير من النساء الحوامل ببني ملال حسب المركز. وكان تقرير عن الدكتور المعني قد كشف لهيئة المحكمة أنه أجرى 605 عملية قيصرية بين سنة 2007 إلى 11 يوليوز ,2008 كما أشار إلى أن عدد الوفيات المسجلة في صفوف المواليد الجدد بهذا القسم بلغ 205 مولودا ووفاة 22 سيدة. وكانت شهادات أزواج السيدات المتوفيات وشهادة السيدات الناجيات صادمة أمام هيئة المحكمة، إذ طالب زوج أحدى النساء التي توفيت بقسم الولادة من المحكمة بإنزال أقصى العقوبات في حق الطبيب المتابع لكي يذوق جزءا من المعاناة التي عانيتها بسببه يقول زوج الضحية مرفوقا بثلاثة أيتام خلفتهم زوجته الهالكة. فيما صرحت السيدة (نجاة. س) أمام القاضي بابتدائية بني ملال في جلسة يوم الأربعاء 11 نونبر ,2009 أنها تعرضت للابتزاز من قبل الطبيب المولد، لأن زوجها لم تكن باستطاعته أداء مبلغ 1000 درهم رشوة، وقالت الضحية إن الطبيب (أ.ص) طلب منها شراء مستلزمات التوليد بعذر أن ما يوجد بالمستشفى غير صالح للاستعمال. وأكدت المشتكية أمام القضاء أن الممرضة المشرفة عليها رفضت إزالة المصل السيروم بعد نفاذه، مما اضطر الحامل إلى نزعه بنفسها وظلت تنزف دما دون أن يكترث أحد لحالها، مما دفع زوجها إلى وضع شكاية لدى المندوبية الجهوية للصحة وإدارة المستشفى. وأكدت السيدة نجاة أنها بقيت على حالها إلى أن ولدت بطريقة عادية (عكس ماصرح به الطبيب المولد الذي شدد على العملية القيصرية)، وبقيت هي والجنين بدون غطاء مرمية في قاعة مكتظة بالنسوة النفساء، إلى أن حضر زوجها وأخرجها في حالة صحية متدهورة. بل صدمت شهادة نجاة الحاضرين بعدما أكدت أنها ولدت مرة ثانية في سيارة زوجها لأن المستشفى رفض استقبالها بحجة أن موعد الولادة مايزال بعيدا، لتلد في نفس اليوم بعد مغادرة المستشفى، واضطر زوجها للعب دور القابلة داخل سيارته في أعالي الجبال. حال نجاة يشبه العديد من السيدات اللواتي تمكن من ولوج المستشفى، أما أخواتهن في الجبل ممن يوكل أمرهن إلى الله ثم إلى خبرة جاراتهن في أعالي جبال الأطلس الكبير فحدث ولا حرج.