توصل باحثون بريطانيون إلى دراسة تشير إلى أن الأطفال العراقيين الذين ولدوا في المناطق الأكثر عنفا في العراق أقصر قامة بكثير من أولئك الذين ولدوا في أجزاء أخرى من البلاد. وقال الباحثون بعد أن درسوا بيانات صادرة عن المكتب المركزي للإحصاء العراقي إن الأطفال دون سن الخامسة في هذه المناطق كانوا أقصر قامة بمقدار 8,0 سنتيمترا عن نظرائهم في المناطق الأخرى. ويرتبط قصر القامة بسوء التغذية والصحة العامة. وتم عرض الدراسة التي قدمتها جامعة لندن خلال المؤتمر السنوي للجمعية الاقتصادية الملكية. وتظهر الدراسة الأضرار التي يسببها الصراع على صحة الأطفال. وحللت الدراسة طول الأطفال خلال السنوات الثلاث الأولى من الحرب على العراق وأظهرت أن التقزم يمثل مشكلة خطيرة بين أولئك الذين ولدوا في محافظات في جنوب ووسط العراق. ورجحت هذه الدراسة أن تكون المشكلة متعلقة بجودة وليس كمية التغذية المتاحة لهؤلاء الأطفال. وأظهرت الدراسة أيضا أن الفرق في قصر القامة كان أكثر وضوحا في الأطفال خلال عامهم الأول، وهو ما قد يعكس تدهور الحالة الصحية للأم أثناء الحمل. وقالت جابرييلا جيريرو سيردان صاحبة الدراسة، وتعمل بقسم الاقتصاد بجامعة رويال هولواي بجامعة لندن: للوهلة الأولى من السهل أن نرى ما إذا كان الطفل يعاني من سوء التغذية من خلال النظر إلى وزنه. وبالنسبة للباحثة البريطانية فإن قصر القامة لدى هؤلاء الأطفال يعكس رداءة نوعية الغذاء وأيضا الإصابة بعدد من الأمراض وكذلك الإسهال. وأوضح البروفسور بيتر إيمري رئيس قسم علم التغذية في كلية كينجز كوليدج في لندن أن هناك أسبابا أخرى يمكن أن تسبب مشكلة التقزم، وقال من الأرجح أن نضيف إلى سوء ورداءة نوع الغذاء، سوء الصرف الصحي وفرص الحصول على الرعاية الصحية المناسبة. وكانت هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي قد ركزت في تقرير سابق على محنة يعيشها المواليد الجدد في العراق بعد احتلاله عام ,2003 حيث تشهد المستشفيات أكثر من ولادة مشوهة كل يوم، وسط صمت حكومي عراقي مخجل ونفي أمريكي. وكشف تحقيق أجراه مراسلو بي بي سي في الفلوجة عن وجود أعداد كبيرة من الأطفال المصابين بتشوهات خلقية. وقالت طبيبة عراقية في مستشفى الفلوجة العام في التحقيق إنها تشرف يوميا على ثلاثة ولادات مشوهة منذ عام .2005 وأشار التحقيق إلى أن السكان والأطباء يلقون باللوم على الأسلحة التي استخدمتها القوات الأمريكية خلال هجومها على مدينة الفلوجة قبل ست سنوات. وقالت مصادر مطلعة إن ركام المباني التي تضررت في مدينة الفلوجة جراء عدوان القوات الأمريكية عليها في 2004 تم رميها في النهر، حيث يحصل السكان المحليون على مياه الشرب. ورصدت تقارير مماثلة ارتفاع أعداد الأطفال المصابين بسرطان الدم في مدينة البصرة جنوب العراق ثلاث مرات خلال الخمسة عشر عاما الماضية. واستنتج الباحثون أن هناك زيادة نسبتها 5,8 في المائة في الإصابات بين كل مائة ألف طفل خلال نفس الفترة، وهي تزيد عن ضعف نسبة الإصابات بسرطان الدم في الاتحاد الأوروبي. وكان بحث طبي متخصص نشر في مجلة الصحة العامة الامريكية عزا الإصابات إلى غازات الأعصاب واليورانيوم المنضب التي استخدمتها القوات المحتلة للعراق.