نظمت الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية مؤتمرها الأول تحت شعار: من أجل لغة عربية مواكبة للعصر، يوم السبت 27 مارس 2010 بالمدرسة الوطنية للصناعة التعدينية بالرباط. وكان المؤتمر فرصة للمؤتمرين لتداول النقاش بخصوص تحديات الجمعية وفروعها على المستوى الوطني والمحلي، وتم تجديد الثقة في رئيس الجمعية الدكتور موسى الشامي، وعدد من الأعضاء السابقين وإضافة أعضاء جدد. وألقيت خلال المؤتمر كلمات الهيئة المغربية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة وممثل مكتب تنسيق التعريب ورئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، وعالم اللسانيات المغربي الدكتور عبد القادر الفاسي الفهري.. ولذلك ارتأت التجديد تخصيص ملف حول معظم مواد المؤتمر لما لها من أهمية. بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين تحياتي الحارة إلى الإخوان والأخوات أعضاء الجمعية ورئيسها أيها الجمهور الكريم: إن من فضل الله على اللغة العربية أن جعلها لغة القرآن، فنقلها من وضع لغة المعلقات الشعرية وبضع أفراد قبائل متفرقة في شبه الجزيرة العربية إلى لغة حضارة كبرى، ولغة معرفة عالمية حادت عنها سمات الإثنية أو الجغرافيا. لقد تحولت اللغة العربية فعلا إلى لغة الرياضيات والطب والعلوم، بفضل ما رفد إليها العلماء المسلمون من معارف وتقنيات أشعت بها الأمة قبل أن تشع أوروبا، وما أبدع فيها الأدباء والمفكرون من أجناس أدبية وفنية وعرفانية، بوأتها مكانة كونية متميزة. وقد كان من نتائج ضعف الأمة وتهالكها أن أضاع العرب على لغتهم استثمار هذه الأمجاد، في تطويرها وإنمائها، وأتاحوا لأعدائهم وأعدائها استهداف وظيفياتها، بل وبقائها، والتشكيك في هويته اللغوية الإسلامية. وليست اللغة هوية وسيادة فحسب، بل هي أيضا أداة للتنافس المرجعي الفكري والفكري، والتموقع الاقتصادي والإعلامي والرقمي، علاوة على التموقع السياسي. ومن هنا نفهم لماذا جند عدد من الجامعيين الأجانب أنفسهم لتوجيهنا لغويا، بصفة دؤوبة ومستمرة، حتى نتخلى عن لغتنا الفصيحة في التعليم والإعلام والاقتصاد، لصالح اللغة الفرنسية من جهة، والعامية الدارجة من جهة أخرى. فهذا يجعلنا بحاجة إلى وقاية خاصة لننجو من هذه الحملات المكثفة والمغريات التي تسيل لعب نخبها. أذكر لكم أنه في سنة ,1999 قام الأستاذ ألان بورتليا، ليلة اجتماع اللجنة الخاصة للتربية والتكوين، بنشر تقرير مفصل بأسبوعية لوجورنال عن التوجهات اللغوية التي ينبغي أن نأخذ بها في إصلاح تعليمنا، وهي التوجهات التي ما فتئت تروج لها النخبة الفرنكفونية المغربية منذ ذلك التاريخ. وبعيد هذا التاريخ بسنتين أو ثلاث، قامت الأستاذة دومينيك كونتر بحملة شرسة على اللغة العربية في فرنسا، تهدف إلى إخراج العربية من التعليم الفرنسي، وإحلال اللهجات المغاربية محلها. وقد أفشلنا هذا المخطط. بعد ذلك نقلت أنشطتها إلى المغرب، حيث تؤطر مجموعة من المغاربة في جمعيتها للهجات العربية. وهؤلاء يقومون بحملات قوية من أجل نيل مكاسب للدارجة على حساب الفصيحة. وفي سنة ,2003 غداة انفجارات الدارالبيضاء، كتب بيير فيرنومان مقالا ساخنا في جريدة ليكونوميست عزا فيه أصول الإرهاب إلى اللغة العربية، وقد قمت بالرد عليه في حينه. فهذه أمثلة قليلة من تدخل الأجانب الكثيف في اختياراتنا اللغوية، وتقديمهم للوصفات التي يجمعها هدف واحد هو نبذ اللغة العربية. فالدليل قائم منذ فترة الاستعمار على أن هناك من الأجانب من يريد وضعنا تحت الوصاية اللغوية، وهناك أتباع مغاربة كثيرون يروجون لهذه الوصفات، حتى في صفوف النخبة المعربة، وهذه اللغة بحاجة إلى من يحميها، كما سبق لي وأن كتبت في أول يوم دراسي نظم بمعهد التعريب في هذا الموضوع في دجنبر .2003 علينا أن نحمي اللغة العربية من هذا العداء والبخس اللذان توفق في نشرهما الأجانب وعلينا أن نحميها في التعليم والإعلام بخاصة فهذه قضية تحتاج إلى أن ترصد لها الجهود الكبيرة، خاصة وأن نخبتنا أصبحت تكيد لهذه اللغة، وتدافع على العداء لها. وفقكم الله وإيانا في رفع التحديات وتأهيل مواطنينا لغويا وحضاريا ومعرفيا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته