قال رئيس المحكمة العليا في تركيا: إنّ التعديلات الدستورية التي تقترحها حكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان "غير دستورية"، وتأتِي ضمن جهودها للسيطرة على القضاء. وأضاف القاضي حسن جيرتشيكر في تصريحات بثّتها قناة "إن.تي.في" التلفزيونية الإخبارية أنّ المقترحات تستهدف نزعَ صلاحيات القضاء، وتناقض مبادئ فصل السلطات. وتأتِي تصريحات جيرتشيكر بعد بدء حزب العدالة والتنمية الحاكم لقاءات مع مختلف الأحزاب السياسية لمناقشة تعديل دستوري اقترحه الحزب على البرلمان للتوصُّل إلى اتفاق حول بنوده. ويشير موقف رئيس المحكمة العليا إلى احتمال وقوع مواجهة بين الحزب الحاكم والمحافظين العلمانيين في القضاء. والتعديل المقترح جزئي يتضمّن 26 مادة من الدستور منها 23 دائمة وثلاث مؤقتة، وتتضمن أبرز المقترحات زيادة أعضاء المحكمة الدستورية من 11 إلى 19 يسمي رئيس الجمهورية 16 منهم، وثلاثة ينتخبهم البرلمان لمدة 12 عامًا. كما تتضمن المقترحات الجديدة تعديل تركيبة الهيئة العليا للقضاء ووكلاء النيابة، وهي أهمّ هيئة تعارض الحكومة في سلطاتها التنفيذية، ليصبح أعضاؤها 31 منهم عشرة مؤقتون ويكون وزير العدل رئيسًا للهيئة. ومن المقترحات إخضاع قرارات مجلس الشورى العسكري لرقابة القضاء المدني, وإخضاع العسكر للقضاء المدني والسماح بمحاكمتهم أمام المحاكم المدنية. ومنها كذلك زيادة صعوبة حظر الأحزاب السياسة، وهو مقترح يذكّر بمحاولة حظر حزب العدالة والتنمية أمام المحكمة الدستورية قبل عامين بعد مزاعم بسَعْيِه إلى قلب النظام العلماني وإقامة نظام وفق الشريعة الإسلامية. كما تلغي المقترحات مادة تعوق محاكمة منفذي الانقلابات العسكرية السابقة، ما يعني إمكانية محاكمة الرئيس السابق كنعان إيفرن والجنرالات الذين نفّذوا انقلاب عام 1980، ومنح الموظفين في القطاع العام حق الإضراب والحقوق النقابية الأخرى. وسيطرح التعديل على البرلمان بعد انتهاء المناقشات، مع الإشارة إلى أنّ أغلبية العدالة والتنمية في البرلمان لا تكفي لإقراره, لكنها كافية لطرحه على الاستفتاء العام. من جهتها ترفض المعارضة العلمانية والقومية بعض أو مجمل هذه التعديلات، وقال زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض دنيز بايكال: إنّ الحزب الحاكم يستهدف بهذه التعديلات القضاء المستقل، مؤكدًا أنّه "مدفوع بمخاوفه" من الإغلاق. لكن جميل جيجك (نائب رئيس الوزراء التركي) أكّد في مؤتمر صحفي أنّ حكومته تريد بهذه التعديلات "رفع معايير الديمقراطية"، منوهًا بأنّ تركيا "تحتاج إلى دستور جديد"؛ لأنه من الصعب عليها تحقيق تقدم في مسألة العضوية بالاتحاد الأوروبي في ظلّ الدستور الحالي. ومن شأن موقف المعارضة أن يجعل الحكومة أمام خيار واحد هو الدعوة إلى استفتاء عام، حيث أكّد أردوغان استعداده لطرح الاستفتاء الشعبي لتعديل الدستور إذا فشل في تمريرها داخل البرلمان.