وقت قياسي سيفصل قريبا بين الرباط ومطار محمد الخامس    الريال المترنح يتحدى برشلونة المتوهج في "كلاسيكو الأرض"    قضية "إسكوبار الصحراء".. تفاصيل المواجهة بين الناصيري والملياردير اليزيدي    ضابط شرطة يطلق رصاصا تحذيريا لإيقاف مروج مخدرات حرض كلابا شرسة ضد عناصر الأمن بجرادة    مهرجان "كوميديا بلانكا" يعود في نسخته الثانية بالدار البيضاء    "أمنستي" تدين تصاعد القمع بالجزائر    انطلاق عملية الإحصاء المتعلق بالخدمة العسكرية لسنة 2025    "أسبوع المغرب في موريتانيا" يعزز الشراكة الاقتصادية والثقافية بين البلدين    "العدالة والتنمية" يعلن غياب وفد حركة حماس عن مؤتمره الوطني    أرباح اتصالات المغرب تتراجع 5.9% خلال الربع الأول من 2025    أبرزها "كلاسيكو" بين الجيش والوداد.. العصبة تكشف عن برنامج الجولة 28    تزوير الدبلومات يوقف شخصا بالعيون    المغرب استورد أزيد من 820 ألف طن من النفايات والمواد القابلة لإعادة التدوير خلال 2024    بوليساريو ، قناع الإرهاب يسقط في واشنطن…    طنجة.. ندوة تنزيل تصاميم التهيئة تدعو لتقوية دور الجماعات وتقدم 15 توصية لتجاوز التعثرات    "البيجيدي" يعلن عدم حضور وفد حماس في جلسة افتتاح مؤتمره التاسع ببوزنيقة    شراكة تجمع "ويبوك" وجامعة كرة القدم    محاكمة أطباء دييغو مارادونا تكشف تفاصيل الأيام الأخيرة    المعرض الدولي للفلاحة بمكناس: مجموعة القرض الفلاحي للمغرب توحّد جهود الفاعلين في مجال الزراعة الذكية    ميسي يطلب التعاقد مع مودريتش.. وإنتر ميامي يتحرك    فوضى أمام الفاتيكان في اليوم الأخير لوداع البابا فرنسيس الأول    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    الإعلان عن صفقة ب 11.3 مليار لتأهيل مطار الناظور- العروي    السايح مدرب منتخب "الفوتسال" للسيدات: "هدفنا هو التتويج بلقب "الكان" وأكدنا بأننا جاهزين لجميع السيناريوهات"    على حمار أعْرَج يزُفّون ثقافتنا في هودج !    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يناقش "الحق في المدينة" وتحولات العمران    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    بودريقة يقضي ليلته الأولى بسجن "عكاشة"    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    "تحالف الشباب" يراسل مؤسسة الوسيط ويصف تسقيف سن التوظيف ب"الإقصاء التعسفي"    الملك يقيم مأدبة عشاء على شرف المدعوين والمشاركين في الدورة ال 17 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    كاتبة الدولة الدريوش تؤكد من أبيدجان إلتزام المملكة المغربية الراسخ بدعم التعاون الإفريقي في مجال الصيد البحري    رفضا للإبادة في غزة.. إسبانيا تلغي صفقة تسلح مع شركة إسرائيلية    الزلزولي يعود للتهديف ويقود بيتيس نحو دوري الأبطال    الصين تنفي وجود مفاوضات تجارية مع واشنطن: لا مشاورات ولا اتفاق في الأفق    انهيار.. ثلاثة عناصر من "البوليساريو" يفرّون ويسلمون أنفسهم للقوات المسلحة الملكية    المديرة العامة لصندوق النقد الدولي: المغرب نموذج للثقة الدولية والاستقرار الاقتصادي    حين يصنع النظام الجزائري أزماته: من "هاشتاغ" عابر إلى تصفية حسابات داخلية باسم السيادة    من قبة البرلمان الجزائر: نائب برلماني يدعو إلى إعدام المخنثين    الدليل العملي لتجويد الأبحاث الجنائية يشكل خارطة طريق عملية لفائدة قضاة النيابة العامة وضباط الشرطة القضائية    رواد سفينة الفضاء "شنتشو-20" يدخلون محطة الفضاء الصينية    "الإيسيسكو" تقدم الدبلوماسية الحضارية كمفهوم جديد في معرض الكتاب    الوقاية المدنية تنظم دورة تكوينية في التواصل للمرشحين من السباحين المنقذين الموسميين بشواطئ إقليم العرائش    أكاديمية المملكة المغربية تسلّم شارات أربعة أعضاء جدد دوليّين    الرباط …توقيع ديوان مدن الأحلام للشاعر بوشعيب خلدون بالمعرض الدولي النشر والكتاب    فوز "صلاة القلق" للمصري محمد سمير ندا بجائزة البوكر العربية    مهرجان "السينما والمدرسة" يعود إلى طنجة في دورته الثانية لتعزيز الإبداع والنقد لدى الشباب    هل يُطْوى ملفّ النزاع حول الصحراء في‮ ‬ذكراه الخمسين؟    كردية أشجع من دول عربية 3من3    دراسة: النوم المبكر يعزز القدرات العقلية والإدراكية للمراهقين    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    أمريكا تتجه لحظر شامل للملونات الغذائية الاصطناعية بحلول 2026    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمام أزمة التعليم التعريب هو الحل - بقلم فؤاد بوعلي
نشر في التجديد يوم 10 - 03 - 2010

استعاد النقاش حول التعريب حيويته وحركيته. إذ توالت الأحداث والتصريحات في الآونة الأخيرة التي تجعل من قضية التعريب محور التداول الإعلامي والسياسي والتربوي. وقد ارتبط الأمر بمناسبات عديدة نشير إلى بعضها:
الأولى هي وفاة مهندس سياسة التعريب في المغرب أو بالأحرى أحد رموزه في السلطة التنفيذية : الدكتور عز الدين العراقي . فقد ربطت جل المقالات التحليلية والتأبينية للعراقي مساره المهني والسياسي بقضية واحدة هي تعريب التعليم . فعلى سبيل المثال أوجزت تيل كيل حياة الدكتور الذي تقلد مناصب عدة وتجول في دواليب السياسة والإدارة في قضية التعريب التي أقدمت عليها الدولة إبان إدارته لوزارة التعليم . وإذا كانت هذه المجلة وربيبتها قد عودتنا على التهجم على كل رموز الهوية الوطنية من ملكية ولغة ودين وأخلاق ... فإنها هذه المرة قد وصلت حد وسم سياسة التعريب بالكارثة لتتساءل عن المسؤول عنها : هل هو العراقي وحده؟ .فالتعريب الذي توقف لأسباب سياسية وليست علمية غدا في مخيال الصحفي ومن ينحو منحاه كارثة أضرت بالقدرة الإبداعية والتعليمية لدى المغاربة .
الثانية هي الحرب الاستباقية التي قامت بها العديد من الجمعيات الأمازيغية حين اتهمت المجلس الأعلى للتعليم بنيته التراجع عما تحقق في مجال تدريس الأمازيغية خلال السنوات الأخيرة مهددة بوقفات احتجاجية أمام وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين. والغريب في الأمر أن النقاش قد انحرف من الدفاع عن الأمازيغية وتدريسها إلى الحرب على التعريب والعربية . حيث اتهم أعضاء المجلس الأعلى بأنهم كما يقول أحدهم يريدون تقديم قرابين للقومية والوهابية !:{إنها التعريب ، هذه الكلمة السحرية العجيبة التي يلغون بسببها العقل والمنطق والدين...إنهم يريدونه مقاطعة مشرقية دون استقلالية ولا خصوصية }. وكأن الخصوصية لا تتحقق إلا برفض العربية والتعريب والإجهاز على الانتماء العربي .
الثالثة هي قرار الطيب الشرقاوي وزير الداخلية المغربي، الذي يقضي بضرورة نهج استعمال اللغة العربية في القرارات والمراسيم والتقارير التي تصدرها الوزارة، حيث أمر أطر وموظفي الوزارة باستعمال اللغة العربية في جميع المراسلات والقرارات الإدارية والمناسبات الرسمية. وقد سبق أن ثمنا هذا القرار باعتباره ضرورة حياتية تواصلية أكثر منه تطبيقا لسياسة حكومية .
الرابعة هي خرجة الزعماء الاستقلاليين من جديد للدفاع عن سياسة التعريب . ابتدأت بمبادرة المجلس الجماعي لمدينة فاس الأخير الذي أقر كتابة الأسماء باللغة العربية على واجهات المؤسسات، والمتاجر، والمكاتب، والمقاهي، واللوحات الإشهارية. ثم دعوة الأستاذ عباس الفاسي الأمين العام منتخبي حزبه في خطابه أمام اللجنة التنفيذية لجمعية منتخبي حزب الاستقلال إلى تحمل مسؤولية تعريب الحياة العامة ومذكرا بجهود الحزب في تطبيق مقتضيات التعريب منذ توليه إدارة الشأن العام خاصة في وزارات الأوقاف والتعليم والثقافة والصحة والداخلية والعدل والسكنى والتعمير والوزارة الأولى، وداعيا رؤساء الجماعات الاستقلاليين إلى سلوك مسلك شباط بفاس . فهل هذا رجوع إلى تراث الحزب الذي قاد حرب التحرير وتثبيت الهوية الوطنية ونظر لمجتمع العربية ؟ أم هي يقظة متأخرة للأستاذ عباس كنا نتمناها منذ دخوله باب السفراء؟ لا نحب أن ندخل في التأويلات السياسية التي تربط هذه المواقف بشكل الخريطة الحزبية وتحالفاتها ، لكننا قد نجد الجواب عن الإشكالات المطروحة في لفتة لا تخلو من أهمية في خطاب الوزير الأول: المهم هو أن نستعين على قضاء حوائجنا بالكتمان لأن هناك من لا يريد سياسة التعريب. وهذا حقيقي .وبإطلالة عرضية على التعليقات التي تناولت هذا الخطاب سنفهم مقصوده من الكتمان .
إن قراءتنا لهذه المناسبات المتناسلة تجعل من التعريب سواء لدى الرافضين أو المدافعين جوهر النقاش اللغوي. وإذا كان رواد الحركة الوطنية قد نظروا إلى القضية باعتبارها قضية وجود وهوية فإن التاريخ أثبت ، وبالملموس ، أن الأمم في مختلف مستوياتها الحضارية تبحث دوما عن الوسيلة الأفضل لتقديم العلم للمتلقي وتنشيط حركية الإبداع والتلقي والتواصل . وحتى في الأمم التي تتعدد لغاتها تجد اتفاقا عرفيا حول لغة وسيطة تجمع بين كل أطياف الشعب ولا تجزؤه . فهل سنظل نكرر الأسطوانة القديمة حول اللغة التي يمكنها أن تنقلنا إلى مجتمع المعرفة وتحافظ على هويتنا الحضارية ؟!.فتعريب التعليم الذي شرع فيه منذ مطلع السبعينيات وتوسع مع بداية الثمانينيات؛ تم إجهاضه حتى رسخ في المخيال الجمعي نسبة الفشل إليه وليس إلى طريقة تدبيره .فالتجربة التراثية تثبت بما لا يدع مجالا للشك قدرة العربية على الاستيعاب والاحتواء والتقديم الأمثل للمعرفة . كما أن حديث الخبراء التشخيصي للحالة اللغوية بالمغرب كما تحيل عليه العروض التي قدمت في الندوة التي نظمها المجلس الأعلى للتعليم حول تدريس اللغات وتعلمها في منظومات التربية والتكوين: مقاربات تشخيصية واستشرافية يؤكد أن الإشكال المتعلق بحضور العربية ليس في القدرة اللسانية بقدر ما يتعلق بالأسلوب الذي تقدم به إلى المتعلم المغربي سواء في المنهاج أو المقاربة البيداغوجية أو الغلاف الزمني المخصص أو كفاءة أطر التدريس أو ظروف التعلم والدعم البيداغوجي . إن الخروج من حالة التذبذب التي تعيشها المدرسة والإدارة المغربيتين لا يمكن أن يكون إلا وفق مسارات أساسية :
الأول يأخذ بعين الاعتبار البعد الهوياتي للعربية باعتبارها لغة دستورية ومقدرة إعلاميا وتواصليا في الخطاب الرسمي والشعبي المغربي . حيث يفضل المغاربة التواصل الرسمي بالعربية الفصحى كما تدل عليك الإحصائيات الإعلامية حسب جهاز قياس جمهور التلفزيون ماروك ميتري لشهر يونيو الماضي.
ثانيا الحفاظ على الهوية المتعددة للأمة لا يعني افتعال النزاع بين العربية واللغات الوطنية الأخرى وعلى رأسها الأمازيغية أو اعتبار التعريب أداة لاستهدافها بقدر ما يشكل التعريب أداة مواجهة استهداف السيادة اللغوية من اللغات الأجنبية الخارجية بموازاة النهوض باللغات الوطنية الأخرى .
ثالثا الانفتاح على المحيط الخارجي ولغاته لا يعني الانسياق وراء ثقافته . وهنا ينبغي التمييز الدائم بين لغة التدريس التي ينبغي أن تكون العربية بدون منازع واللغة المدرسة التي يمكن الانفتاح من خلالها على لغات العالم المختلفة.
لهذا سيظل التعريب هو الحل الذي يجمع أجزاء الأمة وينقلها نحو عالم المعرفة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.