كد الدكتور عبد السلام الكبيسي مساعد الأمين العام لهيئة علماء المسلمين أن السبيل الأمثل لخروج العراق من مأزقه الحالي هو مواجهة المشروع الأمريكي في هذا البلد وتعريته أولا... دون نسيان المشروع الإيراني الذي هو الأخطر على المدى البعيد . وقال الدكتور الكبيسي في حوار خاص اجرته معه شبكة " رسالة الإسلام " أن الانتخابات العراقية العامة المقررة في السابع من مارس 2010 لن تأتي بجديد على واقع العراق شأنها شأن كل الانتخابات التي سبقتها في ظل الاحتلال الغاشم .. موضحا أن جل العملية السياسية الحالية تصب في خدمة مشروع الاحتلال الأمريكي الذي جاء من أجل إضعاف العراق وشرذمته. وعن مشاركة هيئة علماء المسلمين في الملتقى العربي الدولي لدعم المقاومة الذي عقد مؤخرا في بيروت قال الشيخ الكبيسي (هناك فوائد كثيرة توخيناها من مشاركتنا في هذا الملتقى أهمها أن يكون هناك صوت للمقاتل والمقاوم العراقي وأن يسمع صوته وقد قام فضيلة الشيخ الدكتور حارث الضاري بهذا الدور خير قيام ؛ إذ أزاح كثيرا من الشبهات التي تُلف حول المقاومين وأقام الحجة ونصبها لكل ذي عينين ). وفي ما يأتي نص الحوار : بعد مرور ما يقرب من سبع سنوات على احتلال العراق.. كيف ترون الواقع الذي تعيشه أمريكا في العراق وخارجه ؟ لا شك أن أمريكا فوجئت بردة الفعل على أرض العراق ، أولا من قبل المقاتلين الذين كالوا لها الضربات منذ الأيام الأولى وحتى اليوم رغم تلقي واشنطن ضمانات من قبل بعض المكونات السياسية تؤكد أن العراقيين سيستقبلون قواتها بالورود، وثانيا من عموم الشعب العراقي الذي يرفض الاحتلال بالفطرة ويزداد الرفض له يوما بعد يوم. أما خارج العراق ، فأرى أن أمريكا فقدت مصداقيتها أمام شعبها وأمام العالم وأمست غير مرهوبة الجانب وصارت الأزمات ، لا سيما الاقتصادية منها، تحاصرها من كل جانب. يرى بعض المحللين أن الولاياتالمتحدة حققت هدفها الإستراتيجي من احتلال العراق.. ما رأيكم في ذلك ؟ على المستوى المرحلي وانسجاما مع مدلول عنوان غزوها للعراق (حرب الصدمة والترويع)، فقد نفذت أمريكا جريمتها بكل قسوة وأوجعت العراق على كل المستويات أرضا وناسا ، تاريخا وحضارة وتقدما. إن هذه الدولة الغازية قتلت وسلبت وطغت وألغت مركز القوة للعراق (جيشه العظيم) وأنشأت جيشا طائفيا فئويا في أغلبيته استبدلته بالجيش العراقي المهني القوي الذي كان درعا للأمة العربية وحصنا لبوابة العرب الشرقية ، كما قضت أمريكا على بنية العراق التحتية وسرقت تراثه واستطاعت تطويع مكونات سياسية أمسكت بكل خيوطها وجعلت من نفسها مرجعية حقيقية لهذه المكونات في جل أمورها حتى العقدية والشرعية منها. وبنت أمريكا ما تسميه ب" العراق الجديد " على أسس طائفية مدعوما بدستور راعي لعنوان غزوهم لكي تستمر الصدمة والترويع ويستمر الصراع ، وبذلك أرى أن الساسة الأمريكيين حققوا الكثير من إستراتجيتهم في العراق لكن بحمد الله لا زال كل ذلك قشرة على أديم أرضنا المحتلة وأعتقد أن الأرض العراقية لن تقبل أبدا هذه البذرة الغريبة عليها. هل تعتقدون أن العام المقبل سيشهد انسحابا فعليا للاحتلال الأمريكي من العراق بحسب ما تنص عليه الاتفاقية الأمنية ؟ المشروع الأمريكي في مجمله ذو صفحتين عسكري وسياسي ، وأهداف العسكري أن يحول العراق إلى منصة انطلاق لمشروعه الكوني باستعباد الكون ضمن رؤيته الخاصة وأن يحرس مشروعه السياسي ، أما شقه الأول وهو العسكري ، فقد اصطدم بعون الله بصخرة العراق القوية وهم المجاهدون والمقاومون الذين استطاعوا، بفضل الله تعالي، أن يلقنوا الاحتلال الأمريكي درسا لن ينساه وأفشلوا مشروعه ونقلوا المعركة إلى داخل أمريكا وما خروج (الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش ) من البيت الذي لم يبق فيه شئ أبيض إلا لونه ، وما هزيمته في الانتخابات الرئاسية السابقة إلا بفعل ضربات المقاومة الموجعة لقوى الغزو الأمريكي . وبخصوص مشروع أمريكا السياسي، فقد أوكلت به بطانتها من أصحاب المسار السياسي بعد أن جعلتهم يوقعون ما تسمى ب"الاتفاقية الأمنية" في السابع عشر من شهر نوفمبر / تشرين الثاني عام 2008 فإن ضمن الحماية منهم فهو منسحب وإلا فهو عازم على البقاء ولكن ستجري الرياح بقوة الله بما لا تشتهي السفن. هل تعتقدون أن الانتخابات البرلمانية العراقية القادمة ستأتي بجديد على الواقع العراقي ؟ أرى أن هذه الانتخابات وغيرها من انتخابات سابقة تصب في صالح خدمة مشروع الاحتلال الذي جاء ليضعف العراق ويشرذمه ؛ لأن المحتل هو من وضع قواعد المسار السياسي في العراق وضوابطه ، صحيح أنه وضع نسبة من الأرباح الظاهرة للعراق لكن ذلك أشبه بمن يضع السم في الدسم . في حال تغيير الحكومة بعد الانتخابات وطلبت منكم التحاور معها هل ستقبلون ذلك ؟ نحن نسعى لخير العراقيين جميعا وأهدافنا معلومة ومعلنة ومن يجلس معنا لتحقيقها فنحن نرحب به. ما هو التغيير الذي طرأ على سياسة هيئة علماء المسلمين بعد تخويل عدد من فصائل المقاومة العراقية للدكتور حارث الضاري، الأمين العام للهيئة في التحدث باسمها والتفاوض عنها في كافة الأمور السياسية ؟ لم يكن تخويل فصائل المقاومة لشخص هيئة علماء المسلمين بل كان لشخص فضيلة الشيخ الدكتور حارث الضاري حصرا وهو تحمل الأمر على مسؤوليته الشخصية بعد أن عده تكليفا شرعيا ؛ إذ لا فكاك من الاستجابة لطلب بعض الفصائل في جانب الشق السياسي وحسب. ما نتائج مشاركة هيئة علماء المسلمين في ملتقى دعم المقاومات العربية الذي عقد في بيروت في يناير الماضي؟ هناك فوائد كثيرة توخيناها من مشاركتنا في هذا الحفل أهمها أن يكون هناك صوت للمقاتل العراقي والمقاوم وأن يسمع صوته وقد قام فضيلة الشيخ الدكتور حارث الضاري بهذا الدور خير قيام؛ إذ أزاح كثيرا من الشبهات التي تُلف حول المقاومين وأقام الحجة ونصبها لكل ذي عينين. برأيك.. ما هي الطريقة المثلى من وجهة نظر الهيئة لخروج العراق مما هو فيه؟ إن الولاياتالمتحدة صاحبة مشروع كوني لا يحمل خيرا لبلدنا ولا يمكن إيقاف هذا المشروع إلا باستمرار مقاومته بكل ما نستطيع وأن يكون ذلك مدعوما بثورة شعبية عارمة على عموم أرض العراق. في الختام نسأل هل أنتم متفائلون بوجود مخرج من عنق الزجاجة وتخلص العراق من الاحتلال الأمريكي والتدخل الإيراني في شؤونه؟ نحن نفرق بين الاحتلال الأمريكي والتدخل الإيراني نظرة وسلوكا في الجانب السياسي حصرا؛ فأمريكا دولة غازية محتلة صليبية اغتصبت ودمرت بلدا بأكمله وتسعى ليل نهار لتجزئته وتقسيمه وتقزيمه، أما إيران فهي دولة مسلمة وجارة لكنها جارة سوء وظلم، ولكل من أمريكا وإيران مشروعها في العراق وكلاهما خطير. تريد أمريكا: أولا: القضاء على العراق عاصمة الوحدة الثقافية والحضارية للأمة؛ لأن مدرسة البصرة والكوفة هي التي وحدت الأمة لغة وثقافة وحضارة. ثانيا: جعل العراق منطلقا لعولمتها التي تريد من خلالها استعباد العالم اقتصاديا وسياسيا. وتريد إيران: أولا: أن تجعل العراق بلدا تابعا لها لكي توسع إمبراطوريتها القومية الفارسية؛ لذلك تسعى إلى تفريغ العراق من كل ملاكاته وإمكاناته وقدراته. ثانيا: جعل شيعة العراق تبعا للتشيع الفارسي فهي تسعى بقوة سلاح الترغيب والترهيب إلى توظيف التشيع لخدمة أغراضها القومية لا أن تخدمه هو. وأمام هذين المشروعين تختلف استجابة ومناعة جسمنا العراقي على النحو التالي: إزاء المشروع الأمريكي.. لم نجد مناعة في بعض الجسم العراقي بل وجدنا استجابة حتى من جانب بعض الأحزاب الإسلامية التي تسابقت في وضع لبنات هذا المشروع بدءا من مجلس الحكم إلى الاتفاقية الأمنية وهي في الحقيقة اتفاقية لبيع العراق. وبخصوص المشروع الإيراني، فإن الجسم العراقي يحمل مناعة كاملة ضده وأول الرافضين له هم الشيعة. وللخروج من عنق الزجاجة نرى أنه من الواجب علينا الوقوف أمام المشروع الأمريكي وتعريته أولا غير غافلين عن المشروع الإيراني الذي هو الأخطر على المدى البعيد وما حال الأحواز العربية عنا ببعيد.