بعد أشهر طويلة من الأخذ والرد، صادقت الحكومة العراقية على الاتفاقية الأمنية العراقية الأميركية، بعد إجراء بعض التعديلات على مسودتها الأولى، ولقيت الاتفاقية رفضا من قوى سياسية وفصائل مسلحة عراقية. فقد أعلنت هيئة علماء المسلمين في العراق -التي تعد أقوى جهة معارضة للعملية السياسية وللوجود الأميركي- رفضها القاطع والشامل للاتفاقية. وقال الأمين العام المساعد لهيئة العلماء المسلمين في العراق الدكتور عبد السلام الكبيسي في تصريح خاص للجزيرة نت إن التوقيع على هذه الاتفاقية لم يفاجئنا وقد دأبت الحكومة وأرباب العملية السياسية على قبول كل ما تريده الإدارة الأميركية، ولم يتمكن هؤلاء من قول كلمة (لا) . وأضاف الكبيسي أن الذين وقعوا على هذه الاتفاقية هم طرف في لعبة الاحتلال ويجدون حاجة ماسة لكل ما يوفر لهم الحماية بغية الحفاظ على وجودهم ومكتسباتهم السياسية والفئوية، على حساب المصالح العليا للعراق والعراقيين . وحذر الأمين العام المساعد لهيئة العلماء من خطورتها . وقال إنها تمثل المرحلة الأسوأ من مراحل الاحتلال الأميركي للعراق، مؤكدا أن خطورتها لم تتوقف عند الداخل العراقي، بل ستتمدد الأخطار الجسام لتصل إلى الدول العربية. ونوه الكبيسي إلى أن إيران تزداد قوة كلما طال أمد بقاء القوات الأميركية في العراق، ما يهدد العراق والعرب . وأبدى الكبيسي استغرباه مما أسماه صمت الجامعة العربية والدول العربية لما يجري في العراق من محاولات إعطاء الشرعية للاحتلال الأميركي الذي جاء إلى العراق لتقسيم المسلمين إلى طوائف سياسية، حسب تعبيره. وعن الخطوات التي ستتخذها هيئة علماء المسلمين قال الكبيسي لن نتوقف ولن نصمت، وسنعمل بالتعاون مع جميع العراقيين لإفشال هذه الاتفاقية . وكانت هيئة علماء المسلمين التي يرأسها الدكتور حارث الضاري قد أصدرت فتوى ضد الاتفاقية الأمنية بين الحكومة العراقية والإدارة الأميركية. الفصائل المسلحة وجددت فصائل عراقية مسلحة رفضها الاتفاقية، وقال محمد أبو شيبان مسؤول مكتب العلاقات الخارجية في جبهة الجهاد والتغيير التي تضم عشرة فصائل مسلحة إن حكومة الاحتلال إذ تعلن موافقتها على توقيع اتفاقية الذل والإذعان إنما تعلن دوام ولائها لسيدها وصاحب النعمة عليها وارتماءها في حضنه، حماية لها وحفظا لمكاسبها التي حققتها في رعايته وتحت حمايته . وأكد أبو شيبان في حديث للجزيرة نت عبر الهاتف أن الرد على هذه الاتفاقية سيكون باستمرار المقاومة وتصعيد عملياتها، ولن توقفها اتفاقية عار ولا معاهدة إذعان . ودعا كل المجاهدين الأبطال في فصائل وجيوش المقاومة إلى تصعيد العمل الجهادي، حتى يذعن العدو ويخرج من أرضنا صاغرا مدحورا . كما ناشد الشعب العراقي لممارسة جميع الفعاليات التي تظهر رفضه للاتفاقية المذكورة . ووجه المسؤول في جبهة الجهاد والتغيير تحذيرا إلى أعضاء البرلمان العراقي من المصادقة على هذه الاتفاقية، وقال نحملهم المسؤولية الكاملة أمام الله تعالى ثم الشعب العراقي في بيع العراق ورهن مستقبله وشرعنة احتلاله . وقال أبو شيبان إن الاتفاقية الأمنية تهدد سيادة الدول العربية لا سيما المجاورة للعراق منها، وتشكل انتهاكا صارخا لميثاق جامعة الدول العربية، لاسيما بنود معاهدة الدفاع العربي المشترك، حسب قوله. وحذر المسؤول في جبهة الجهاد والتغيير الحكومة العراقية من مغبة أعمالها. يذكر أن غالبية الفصائل المسلحة سبق أن أعلنت رفضها الاتفاقية الأمنية، وصدرت بيانات مشتركة بهذا الاتجاه وقعت عليها هذه الفصائل، وهي المرة الأولى التي تتوحد فيها مواقفها عبر بيانات مشتركة