أكد المشاركون في افتتاح ندوة حول إصلاح القضاء بمراكش الجمعة الماضية أن القضاء القوي والمستقل يعتبر من أهم ركائز تنمية وتقدم الأمم، وأن إرجاع الحقوق إلى أصحابها من صميم العدل، وأن أول ما يبحث عنه أي مستثمر أجنبي في بلد ما هو مدى قوة واستقلالية قضائه ليضمن استرجاع حقوقه حالة ضياعها. وأضاف البعض أن القيم الأخلاقية من دعائم القضاء المستقل، وأنه يجب الاهتمام بشخصية القاضي وتكوينه التكوين المناسب حتى يكون الجميع مطمئنين إلى أحكامه. وضرب محمد النجاري، الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بمراكش، مثلا بالقضاء البريطاني القوي الذي أصدر مذكرة باعتقال تسيبي ليفني بالرغم من حساسية الموقف، في الوقت الذي نهل من التاريخ الإسلامي مثالا آخر حكى فيه كيف قضى قاضي قضاة المسلمين في وجه الخليفة بخروج جيوش المسلمين من سمرقند التي دخلوها دون أي سابق إنذار كما تقتضي ذلك قواعد الحرب، وعودة السكان إلى حصونهم، مما أدى إلى إعلان سكان سمرقند كلهم إسلامهم. من جهتها، عبرت الندوة التي اختارت الخطاب الملكي ومدونة القيم القضائية عن الدينامية التي يعرفها مجال إصلاح القضاء، والذي يعرف اختلالات كبيرة حسب اعترافات عدد من المتدخلين وجب المضي في إصلاحها بالسرعة الكافية، وكذا بضرورة الاهتمام بأحوال القضاة صحيا واجتماعيا وتحسين وضعيتهم المالية، من أجل تسهيل مهامهم وتثمين وضعيتهم الاعتبارية. ومن مظاهر هذه الدينامية وتفاعلها مع الأحداث الجارية وتصاعد أصوات أخرى بضرورة إصلاح القضاء، ما قاله رئيس الودادية الحسنية للقضاة مصطفى فارس فيما يخص ظاهرة الوقفات الاحتجاجية أمام المحاكم قصد التأثير في الأحكام القضائية، في إشارة إلى القضايا المرفوعة ضد بعض وسائل الإعلام، وهو ما اعتبره فارس غير مقبول ولا يوجد في أي دولة من دول العالم، مضيفا أن تلك الوقفات، التي تستغل جو الحرية، لن تثني القضاة عن القيام بواجبهم. ويأتي هذا التفاعل في الوقت الذي يعرف القضاء انتقادات من قبل جمعيات حقوقية ومدنية ومن قبل وسائل الإعلام، أهمها ضرورة محاربة الفساد الإداري والرشوة بين القضاة وعدم التضييق على حرية الصحافة، وانتخاب أعضاء المجلس الأعلى للقضاء بدل تعيينهم. من جهته أشار عبد الواحد الراضي وزير العدل أنه تم تحضير عدة نصوص تتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء والقانون الأساس لرجال القضاء بما يضمن استقلال القضاة والتفتيش القضائي لتمكين المجلس الأعلى من دعم آليات المراقبة ومحاربة كل أنواع الانحرافات، والالتحاق بالمعهد العالي للقضاء والقانون الأساس لموظفي العدل وقانون المسطرة المدنية وقانون السجل التجاري، ومدونة التجارة، وقضاء القرب، والنص المتعلق بإحداث المرصد لمتابعة تطور الجريمة وقضاء القرب بموازاة مع مواصلة تهييئ نصوص أخرى، وأشار أنه في أفق سنة 2012 سيتم توظيف 1500 قاض و2500 موظف، وبناء 22 محكمة وتوسعة 40 محكمة أخرى. يشار أن هذه الندوة الوطنية عرفت تكريم القاضيين عبد المنعم المجبود الوكيل العام للملك بالمجلس الأعلى سابقا وعبد اللطيف بركاش الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء سابقا، وذلك اعترافا لهما بالجهود التي بذلاها في المساهمة في تطوير القضاء المغربي.