اعتبر المحامي والحقوقي عبد المالك زعزاع أن المدخل الثقافي أحد أهم مداخل إصلاح القضاء بالمغرب، مشيرا أن معهد تكوين القضاء يجب أن يركز إلى جانب التكوين العلمي والمهني على تكوين شخصية القاضي لتخريج القاضي النزيه والقادر على مواكبة التطورات. وأضاف في تصريح للتجديد على هامش عقد ندوة حول إصلاح القضاء بمراكش أن تحديث القضاء يقتضي أيضا تحديث العقليات المحافظة التي لم تستوعب بعد تحديات العولمة، مشيرا أن الحل ليس هو مقاربة النوع التي تطرحها بعض الاوساط العلمانية، ولكن الأمر مرتبط بالحرية والديمقراطية والكرامة والإنصاف. وأكد زعزاع أن الإصلاح القضائي الذي يحتاج إلى إرادة سياسة قوية تشير بعض المؤشرات أنها في الطريق الصحيح، يحتاج أيضا إلى إشراك الجميع، ويجب أن يهم إصلاح جميع المهن المرتبطة بالقضاء من حيث التأهيل والتكوين والتخليق، من أجل الوصول إلى عدالة حقيقية، كما طالب المتقاضين باستعمال الوسائل البديلة في التقاضي لحل النزاعات. وأوضح أن موضوع الإصلاح الدستوري يتأسس على فك الارتباط بين المجلس الأعلى للقضاء وبين وزارة العدل، ومن ثم على استقلال القاضي عن السلطة التنفيذية، وأيضا عن نزواته الشخصية وعن نفوذ المال، إذ مازالت بعض الجهات تتحكم في القضايا ذات الطابع السياسي. وطالب زعزاع بتسهيل الولوج للتقاضي بحذف بعض الرسوم القضائية وتقريب المحاكم الإدارية إلى المواطنين، حيث أن عددا منها يجعل من المستحيل أن تصل بعض القضايا، وبالتالي يفضل أصحاب الحقوق التخلي عن حقوقهم. وكانت عشر جمعيات حقوقية مغربية قد قدمت مشروع مذكرة حول إصلاح القضاء في هذه الندوة تمحورت المذكرة حول شقين، تضمن الأول تشخيص الوضع، والثاني مقترحات للإصلاح في عدة مجالات هي: ثغرات الإطار المرجعي لإصلاح القضاء، وحدود استقلال القضاء ومعوقات الجهاز القضائي على مستوى سير المحاكم وفعالية القضاء، ونقض الضمانات والمس بحقوق الدفاع وأوضاع السجون. وقال عبد العزيز النويضي رئيس جمعية عدالة متحدثا باسم الجمعيات الحقوقية إن المشروع أولي وغير نهائي، ولكنه بمثابة أرضية للنقاش مع تنظيمات المجتمع والجهات الرسمية، مشيرا أن المذكرة لم توضع في مواجهة أي مقترح للسلطات العمومية، بل من منظور قوة اقتراحية تعتمد مبدأ الحوار. ولفت انتباه الحاضرين إلى غياب أي ممثل لوزارة العدل في الندوة، كما شددت كلمة الأستاذ جعفر حسون رئيس المحكمة الابتدائية الإدارية بمراكش، بكلامه القوي عن الإصلاح القضائي والدفاع عن القضاة، والذي اعتبر من بين القضاة النموذجيين الذين يدافعون عن استقلال القضاء ونزاهته.