اعتبر أحد الاقتصاديين المغاربة حدث إعلان مجلس إدارة البنك العالمي على الاستراتيجية الجديدة للتعاون مع المغرب برسم السنوات الأربع المقبلة (2005 2009)، الخميس الماضي، بمثابة خطإ سياسي بالنظر إلى تفاعلاته الداخلية وعلاقة ذلك باستقلالية التفكير والتخطيط والتقرير، وقال الدكتور سعد بلغازي، في تصريح لالتجديد، إن مصادقة البنك على الاستراتيجية الجديدة للتعاون خطأ سياسي سيكون له صدى سلبي بالداخل، على الرغم من الأصداء الإيجابية التي سيفرزها بالخارج. ووصف طريقة إعلان البنك مساندته للمغرب بالمرتجلة. ونبه بلغازي، أستاذ بمعهد الإحصاء التطبيقي بالمغرب، على أن البنك الدولي لم يكن بحاجة إلى هذه المصادقة، وأنه كان عليه بالمقابل أن يصمت، وبرر ذلك بقوله "إنه من البديهيات أن السياسات التي ستنهجها الدولة المغربية تكون مبنية على دراسات محلية فيما البنك يشارك في إنجاز الدراسات والتحاليل ومقترحات السياسات ويدعو إلى الترشيد والعقلنة". وأضاف سعد بلغازي أنه "عندما جاء البنك وأعلن مساندته للمغرب فقد ظهر وكأنما تبنى هذه السياسة، وهو ما سيجعل المواطنين يظنون أن هذه السياسية خارجة عن النطاق المغربي، وخارجة عن التفكير المغربي وتحاليل المؤسسات المغربية المختصة"، بيد أن الأمر يتابع بلغازي يجب ألا ينسينا أن هناك نسبة من استقلالية التفكير والتحليل والاقتراح السياسي الاقتصادي بالمغرب، بحاجة إلى التطوير". وربط بلغازي تحليله هذا بكون السياسة الاجتماعية بالمغرب قد أعلن بشأنها عن قرار سياسي واضح يشدد على ضرورة ترشيد هذه السياسة الاجتماعية، في إشارة إلى مبادرة التنمية البشرية التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس في خطابه الأخير. الاقتصادي عبد الخالق التهامي، الذي شارك في الإعداد للاستراتيجية الجديدة للتعاون بين المغرب والبنك، أشار من جانبه إلى أن صياغة هذه الاستراتيتجية جرى في جو من التشاور والاتفاق، ومن ثم أسس لقطيعة مع مرحلة سابقة كان البنك يجري فيها دراسات دون استشارة أو حوار مع الأطراف المعنية، مما كان يفضي به إلى اقتراح برامج لا تتناسب مع أولويات المغرب، ومن ثم لم تكن الحكومات المغربية تأخذ بها، وأبرز التهامي، في حديث لالتجديد، أن المحاور الأربعة التي جاءت بها الاستراتيتجية الجديدة تمثل في الوقت الراهن الأسبقيات المركزية للمملكة. إلا أن محللين اقتصاديين اخرين اعتبروا أن افتقاد المغرب لمخطط استراتيجي خاص جعله يسقط في اعتماد توجهات البنك الدولي، مما يطرح عودة سياسة الإملاءات، لكن بشكل غير مباشر. وكان بلاغ للبنك الدولي قد أعلن الخميس الماضي عن مصادقة مجلس إدارته بالإجماع على الاستراتيجية الجديدة للتعاون مع المغرب برسم السنوات الأربع المقبلة (2005 2009)، مشيرا إلى أن هذه الاستراتيجية الجديدة تشكل إطارا للتعاون يحدد محاور برنامج التنمية الذي تعمل كل من الحكومة المغربية والبنك العالمي ومختلف الفاعلين في مجال التنمية بالمغرب في إطاره ضمن شراكة. هذا البلاغ، الذي نشرت مضامينه وكالة المغرب العربي للأنباء، أوضح أن إطار الشراكة مع المغرب يحدد مساهمات البنك العالمي في أولويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمملكة وفق أربعة محاور، ويتعلق الأمر بانطلاقة نمو مدعوم، وخلق مناصب شغل، وتحسين ولوج الفقراء والفئات المهمشة إلى خدمات ذات جودة، وحسن تدبير ونجاعة النظام التربوي المغربي، والتدبير الجيد للماء من خلال التشجيع على استخدام عقلاني ومستمر لهذا المورد الاستراتيجي والنادر. وذكر بلاغ المؤسسة المالية الدولية أن الاستراتيجية الجديدة للتعاون مع المغرب، التي اقترحت تمويلا سنويا بقيمة 300 مليون دولار ينضاف إلى أشغال المساعدة التقنية ونقل المعارف، قد تم وضعها بطريقة تشاركية من خلال مشاروات موسعة مع مختلف الفاعلين في مجال التنمية بالمغرب، مكنت من تبادل وجهات النظر والالتزام بمسلسل حوار مفتوح وبناء مع مختلف الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين على رؤية استراتيجية للتنمية بالبلاد. ويظهر من خلال البلاغ أن البنك حرص بشكل متكرر على إيراد مفاهيم التعاون والشراكة والحوار والمشاورة في محاولة غير مبررة منه لإفهام المغاربة أنهم ليسوا بصدد استراتيجية مملاة من البنك العالمي، وكذا إقناع المتتبعين المحليين بكون المؤسسة مشاركة ليس إلا؟ محمد أفزاز