قال أستاذ الاقتصاد سعد بلغازي أن التكامل الاقتصادي والتجاري سيكون واقعا مفروضا على دول المغرب العربي في غضون السنوات المقبلة بغض النظر عن التمايزات السياسية، وذلك تعليقاً على قرار مجلس وزارء خارجية المغرب العربي الأسبوع الماضي تكليف إحدى المؤسسات بإنجاز دراسة جدوى حول اتفاقية التبادل الحر للفضاء المغاربي، مضيفاً أن إنعاش الأمل السياسي لتحقيق فضاء اقتصادي مغاربي مشترك على غرار التكتلات الاقتصادية الكبرى يتطلب رعاية المصالح والمنافع المشتركة بين دول المغرب العربي، وهو ما يتطلب، حسب المصدر نفسه في تصريح ل التجديد مستوى عال من التشاور بين القطاعات الوزارية المختصة بين البلدان الخمس مع إشراك المختصين والمهنيين. وشدد بلغازي، وهو أستاذ المعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي، على أن إنجاح أية تجربة اقتصادية تكاملية بين الدول المغاربية تتطلب دراسات معمقة حول أهداف وآليات التكامل، وأن منطق المصادقة على اتفاقية عامة شاملة تتضمن آليات التعاون في جميع المجالات ثبتت فشلها في مختلف التجارب السابقة، في حين يتوجب من حسب بلغازي التعامل بمقاربة خلق مجالات الاندماج التدريجي من خلال الارتكاز على قطاعات محددة تؤسس عليها استراتيجية التكامل الاقتصادي بين دول المغرب العربي. وفي موضوع الدراسة، طالب المجلس الوزاري لوزراء خارجية بلدان المغرب العربي الذي انعقد بطرابلس من إحدى المراكز بإعداد دراسة مفصلة عن جدوى إنشاء منطقة للتبادل الحر بين بلدان المغرب العربي، وقد عقدت هذه المؤسسة لقاءها الثالث نهاية الأسبوع الماضي في مقرالاتحاد المغاربي بالرباط. وذكرت مصادر أن المركز سيعمل على استكمال النصوص القانونية والتنظيمية المرتبطة بمشروع الاتفاقية على أن تعرض على أنظار المجلس المغاربي للتجارة، ثم على اللجنة الوزارية المغاربية للاقتصاد والمالية التي ستجري قبل شهر يونيو المقبل. من جهة أخرى، أوصى مجلس الخبراء المغاربيين بالاستئناس بالتجارب الناجحة في التجمعات الإقليمية لبلورة مشروع إنشاء المجموعة الاقتصادية المغاربية، داعيا إلى إتمام الجوانب القانونية والإدارية لمشروع المصرف المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية لتركيز هذه المؤسسة الاتحادية، ودفع رأس المال المقرر لتأمين انطلاقها الفعلي خلال السنة الجارية، بغية المساهمة في تشجيع الاستثمار، وتكثيف المبادلات في الفضاء المغاربي، على أن تتم المصادقة على المشروع خلال لقاء المجلس الوزاري للمالية الذي سينعقد بتونس في مارس من السنة الجارية. وارتباطا بالموضوع ذاته، اعتبر أستاذ اقتصاد آخر بالمعهد المذكور سابقاً أن إشكالية المغرب العربي تكمن في عدم القدرة على تجاوز سلبيات تدبير الملفات السياسية، وبناء سياسة اقتصادية تكاملية، وتساءل عبد الخالق التهامي هل يمكن للاستحقاقات الاقتصادية التي تنتظر دول المغرب العربي كل على حدة أن تعجل بإمكانية بناء سوق مغاربي موحد؟ ثم كيف يعقل أن تسعى كل دولة على إبرام اتفاقيات التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي والتعامل مع التكتلات الاقتصادية الكبرى بمنطق السوق المنفردة؟