في مقابل ابتداع منطق العودة إلى الأصول في اعتبار اليهود أجداد الأمازيغ والاستناد إليها في تكريس حركية التطبيع، والدفع بعملية إحياء المعتقدات الوثنية إلى الانتعاش، والارتكاز على الأسبقية التاريخية للمسيحية في انتعاش الأنشطة التبشيرية، عرفت الساحة الأمازيغية انتعاشا في حركية الإنتاج الديني بالامازيغية والتي يمكن تقسيمها إلى مستويين: الكشف عن تراث غني بالانتاجات الدينية ويتجلى في كشف مجموعة من الأعمال العلمية التي يقوم بها مجموعة من الفاعلين والباحثين في الشؤون الأمازيغية بالإضافة إلى التي قام بتحقيقها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية عن ثراء المخطوط الأمازيغي بالأعمال الدينية والهوياتية لمفكرين وعلماء أمازيغيين والمرتبطة بمختلف الشعب، والتي تمت مدارستها باللغة الأمازيغية وبحرف عربي، وكان كتاب المخطوط الأمازيغي: أهميته ومجالاته قد كشف على الغنى في التراث الأمازيغي ومعالجته لشتى المجالات (العقائد تفسير القرآن الكريم الحديث النبوي الفقه والعبادات والمعاملات التصوف الوعظ والإرشاد السيرة النبوية علوم القرآن اللغة التاريخ الجغرافيا الرحلات ووصف البلدان الطب والصيدلة الفلك والتوقيت الفلاحة) ثم بلغ الثرات الأمازيغي أوج التطور بالدخول إلى شبكة الأنترنيت، عبر التعريف به وبالمخطوطات التي تتواجد في مختلف مكتبات المملكة نموذج ما يقوم به منتدى سوس العالمة. كما برز في العقد الأخير نوع جديد من الإصدارات الدينية الأمازيغية ينتمي إلى مجال الترجمة، وفي هذا الإطار أصدرت الجمعية المغربية للتبادل الثقافي كتاب ترجمة معاني القرآن إلى الأمازيغية وكتاب ترجمة معاني الحديث القدسي إلى الأمازيغية لمؤلفهما جهادي الحسين الباعمراني، وهو ما يؤشر لقفزة جديدة في فكرة تمزيغ الإسلام التي دعا إليها مجموعة من الفاعلين في الساحة الأمازيغية، والتي تحمل فكرة تقريب الإسلام عبر استعمال لغة سكان العديد من مناطق المغرب. الوعظ والارشاد الديني وبحسب المؤشرات التي اعتمدها تقرير المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة فقد عرف الوعظ والإرشاد الديني انتشارا واسعا الوعظ الديني بمختلف اللهجات الأمازيغية (الشلحة، الأمازيغية، الريفية) ، عبر المواقع الإلكترونية التي تعد بالعشرات، وتعرف تزايدا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، على مستوى الإصدارات والأشرطة المحملة وعبر المساجد والإذاعة الوطنية الناطقة الأمازيغية. كما بثت الإذاعة الأمازيغية التابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون حسب تقريرها السنوي ما مجموعه 88,8 بالمائة من البرامج الدينية خلال سنة ,2007 بنسبة ثلاث حصص في الأسبوع من بين 5760 ساعة، وفي سنة 2007 تمت إضافة اللغة الأمازيغية إلى اللغة العربية في التوجيه والإرشاد الديني عن طريق التلفاز الذي ترعاه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في مجموع مساجد التي تتواجد في المناطق ذات الكثافة السكانية الناطقة بالأمازيغية. وخلف هذا الزخم من الانتاجات الفكرية والدينية مجموعة من الأعلام الكبار علماء الأمازيغ دونوا الأمازيغية بالحروف العربية وعلى رأسهم العلامة المختار السوسي الذي دون مجموعة من الكتب منها المعسول في عشرين جزءا، وسوس العالمة، وكتاب من أفواه الرجال، وكتاب رجال العلوم العربية في سوس، وأصفى الموارد، بين الجمود والميع وهو رواية من أفكار إسلامية، و كتاب تقييدات على تفسير الكشاف للزمخشري، بالإضافة إلى مجموعة من الأعلام في الإنتاج الديني بالأمازيغية.