يعتبر موضوع الإسلام والأمازيغية بالمغرب من المواضيع الحيوية التي ينبغي أن يفتح فيها نقاش هادئ. فبالرغم من مرور أزيد من 13 قرنا على دخول المغاربة في الإسلام، يظهر اليوم توجه في أوساط بعض نشطاء الحركة الأمازيغية، يرعى المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية جزء كبيرا منه، يحاول إعادة كتابة وقراءة تاريخ المغرب في علاقته بالأمازيغية والإسلام. والخطوة في حد ذاتها حق مشروع، غير أن الاختيارات المنهجية غير العلمية المعتمدة والتي تتميز بالانتقاء وردود الفعل تطرح أكثر من علامة استفهام حول الغايات الأيديولوجية والسياسية التي تستبطنها. ويحاول هذا التوجه الانتقائي في دراسة تاريخ المغرب صبغ الفتح الاسلامي بالطابع السياسي المحض، بالرغم من أن هذا الفتح استغرق أزيد من نصف قرن من الزمان (من 646م إلى 710م) اكتشف فيها الأمازيغ، واعتمادا على رصيدهم التاريخي وتجربتهم مع الاستعمار، أنهم لا يواجهون قوة استعمارية بقدر ما يتدافعون مع قيم نبيلة ودخلوا في الاسلام طواعية لا بالسيف. ولذلك، وبعد قرابة قرن واحد فقط تحول المغرب إلى دولة إسلامية مستقلة بتأسيس دولة الأدارسة سنة 788م ليعيش الأمازيغ المغاربة طيلة 13 قرنا بالإسلام وباستقلال كامل عن المشرق. وجاءت اختلالات إعادة كتابة وقراءة التاريخ الأمازيغي بالمغرب مؤطرة ببعدين رئيسيين يتم فيهما القفز على 13 قرنا من هذا التاريخ، إذ يتم تجاهل مرحلة الإسلام، واعتبارالاسلام حركة استعمارية، لا فرق بينها وبين الحركات الاستعمارية التي عرفها المغرب قبل وبعد الفتح الاسلامي. ويتم التأصيل من خلال هذا التوجه لمقولات جاهزة يعتبر بعضها أن الإسلام فرض على المغاربة بالسيف. ويربط اضطهاد الأمازيغ، الإنسان والثقافة بالإسلام. ويحاول فرض مرحلة ما قبل الفتح الإسلامي بعدا جوهريا في الانتماء الهوياتي وكمرجع للقيم، وهو ما يندرج تحته غلبة البحث في ميثولوجيا ما قبل الإسلام على البحوث التي يرعاها المعهد الملكي أو التي تهتم بها فئات من الحركة الثقافية الأمازيغية. ولعل أكبر الاختلالات التي نتجت عن هذا التوجه هي افتعال الصراع بين اللغة العربية والأمازيغية. وابتداع منطق العودة إلى الأصول لتبرير الترويج لبعض الاختيارات الخطيرة لدى بعض الفئات، من قبيل اعتبار اليهود أجداد الأمازيغ لتكريس حركية التطبيع، وانتعاش عملية إحياء المعتقدات الوثنية في أوساط بعض الشباب رغم محدوديتها، والارتكاز على منطق الأسبقية التاريخية للمسيحية في انتعاش الأنشطة التبشيرية في بعض الأوساط. وبالرغم من كون الموضوع أكبر بكثير من أن يستوعبه ملف صحافي من صفحتين، اختارت التجديد الوقوف على القضايا المفصلية في الموضوع بما يسمح به الحيز وتسمح به قواعد العمل الصحافي إذ إننا لسنا بصدد بحث علمي في التاريخ.