النساء شقائق الرجال في شريعتنا، والمرأة متساوية مع الرجل في التكاليف، والثواب والعقاب، قال تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) بل هما متساويان كذلك في مسؤولية الدعوة وتحمل تبعاتها وتكاليفها كما تحمل تكاليفها وعاقبتها ياسر رضي الله عنه وزوجته سمية حيث استشهدا معا فداء للدعوة. وإذا كان وراء كل عظيم امرأة كما يقولون، فإن وراء كل داعية امرأة كذلك، فلا يقل شأن الداعية عن شأن أولئك العظماء، بل هو المتربع على عرش تلك العظمة (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله..). وإذا رجعنا إلى العصر الأول، وجدنا للمرأة حضورا قويا وسبقا كبيرا في تعلم العلم وتعليمه، بل وفي الجهاد في سبيل الله حتى عنون كل من البخاري ومسلم بابا من أبواب الجهاد في صحيحيهما ب:باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال. وهذه معركة اليرموك تبلي فيها نساء المسلمين البلاء الحسن، ويكون لهن الدور الكبير في حيازة النصر والظفر حيث مر عليهن أبو سفيان وقال لهن: من رأيتنه فارا فاضربنه بهذه الأحجار والعصي حتى يرجع... وقد قاتل نساء المسلمين في هذا اليوم، وقتلن خلقا كثيرا من الروم، وكن يضربن من انهزم من المسلمين، ويقلن أين تذهبون وتدعونا للعلوج" البداية والنهاية 8/13,,. والداعية لا ينبغي أن يغيب عن باله أن اختياره لزوجه، يجب أن لا يكون اختيارا اعتباطيا ينظر من خلاله للمرأة على أنها ذلك الكائن الذي لا رسالة له سوى الطبخ والكنس والفراش وانجاب الولد، فتلك امرأة قد تصلح لكل الرجال إلا للداعية الذي له نظرته الخاصة واختياره الخاص، يقول الشيخ رفاعي سرور: "واختيار زوجة الداعية يجب أن يكون باعتبار أنه إدخال امرأة في واقع الدعوة، وليس مجرد إدخال امرأة في حياة شخص، وهذه مسؤولية الداعية صاحب الاختيار، وهي مسؤولية ليست بسيطة أو سهلة" بيت الدعوة ص: .40 والمرأة إذن لها دورها في حياة الداعية وفي نجاحه واسترساله في أداء مهمة البلاغ، أو في نكوصه وتقهقره وفتوره الأمر الذي يلاحظ ويشاهد لدى الكثير من أبناء الصحوة والدعاة النشيطين الذين خبت جذوة نشاطهم بعد زواجهم، وفتروا بعد عطاء وعلو همة، وأضحى همهم في دنياهم إذ أن للمرأة تأثيرا على الرجل إذا كان كل همها في الدنيا ومتاع الدنيا وهي القضية التي عالجها القرآن في قوله تعالى "ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه، ورزق ربك خير وأبقى، وامر أهلك بالصلاة واصطبر عليها، لا نسألك رزقا، نحن نرزقك، والعاقبة للتقوى". وإن الكثير من الخلافات الزوجية التي لا تخلو منها بيوت الدعاة ناشئة في جزء كبير منها عن إعراض المرأة عن مساير زوجها في ما ينشغل به، وعدم انخراطها معه في مهمته، وانشغالها بسفاسف الأمور، وانصرافها إلى اللهو وتزجية الأوقات في ما لا ينفع من الأقوال والأفعال الشيء الذي يصيب الحياة الزوجية بالتصدع ويصيب الداعية بفتنة في دينه، وانشغال عن دعوته، وتلك لعمري عين العداوة التي تحدث عنها سبحانه وتعالى في قوله: (يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم) وهذه أيضا خيانة من طرف المرأة لأمانة الدعوة التي أمر الله بها المرأة والرجل في قوله: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر).. المصطفى الناصري