رصد تقرير عن المهمة الاستطلاعية المؤقتة (حصلت التجديد على نسخة منه)، التي كانت قد نظمتها لجنة القطاعات الاجتماعية بالبرلمان لكل من مستشفى سيدي عثمان، ومستشفى محمد الخامس بالدارالبيضاء، ثم لمستشفى المحلي لسيدي سليمان خلال السنة الجارية، الإكراهات والخصاص الذي يحول دون الرفع من مستوى أداء القطاع الصحي بهذه المستشفيات، على مستوى الموارد البشرية، والبنية التحتية، وكذا على مستوى الخدمات المقدمة. ووقف أعضاء اللجنة البرلمانية في جولة استطلاعية ميدانية شملت أهم أروقة وأجنحة مستشفى مولاي رشيد، للتعرف على سير الأعمال به، على ضعف البنية التحتية لهذا المركز الاستشفائي، الذي يعد من أهم المستشفيات على صعيد جهة الدارالبيضاء، (يستقطب حوالي مليون من الساكنة، بحكم موقعه بين 5 جماعات وأربع مقاطعات)، إلا أنه غير صالح للتطبيب والاستشفاء، ووضح المندوب الجهوي لوزارة الصحة في رده على ملاحظات اللجنة البرلمانية، أن بناية المستشفى بحاجة إلى إعادة الهيكلة، على اعتبار أنها في الأصل لم تكن معدة لهذا الغرض، وإنما كانت عبارة عن مقاطعة تحولت بفعل الضغط السكاني والتحولات التي تعرفها المدينة إلى مستشفى، وهو ما اعتبره نقطة سوداء تعيق سير العمل بالمستشفى، مؤكدا أن هذه البنية لا تساعد لضبط سير المريض لمتابعة جميع الفحوصات، وأنه للولوج عند الأخصائيين يتم العبور من وسط المستشفى، كما سجل التقرير الإهمال البادي على بناية مصلحة الطب العام، المهترئة في جزء كبير منها، نظرا لتقادمها وعدم استجابتها لشروط العمل المتعارف عليها في القطاع. وهي نفس الملاحظة التي تم تسجلها على مصلحة التخصصات الطبية رغم شساعتها والتخصصات التابعة لها.علاوة على تدني مستوى النظافة المتدني وتكدس العنابر والأسرة، مع ملاحظة تقادم آليات، وتجهيزات معدة للفحص معطلة. وأشار المندوب بحسب التقرير، إلى أن مصلحة أمراض الكلي وتصفية الدم تعد مصلحة علية خاصة بابن امسيك سيدي عثمان، موضحا أن العمل بها يتم بمشاركة جمعية خيرية بابن امسيك التي تتكلف بإعطاء العلاج بشكل مجاني للمرضى بمعدل حصتين، وتضم المصلحة 17 طبيبا. وعلى مستوى الخدمات أشار التقرير إلى أن المركز يعرف اكتظاظا كبيرا، ولا يحترم الشروط والمعايير المحددة مع غياب نظام المساعدة الاجتماعية إضافة إلى حالة الفوضى البادية عند المدخل الرئيسي، فيما وضح المندوب بحسب التقرير إلى أن الخدمات المقدمة تتم إما بواسطة شهادة الاحتياج أو التغطية الصحية، مشيرا إلى أن حالات العوز تصل إلى 98 في المائة. وبخصوص الاكتظاظ الملحوظ بين أروقة قسم المستعجلات قاعة الفحوصات وتقديم الاسعافات الأولية، أكد المندوب أن الطلب كبير على هذا القسم نظرا لحالة الاستعجال التي تقصد المستشفى، إضافى إلى أن موقعه يجعل منه نقطة استقطاب لكل الفئات المعوزة من جهة الدارالبيضاء، علاوة على تزايد حالات الاعتداء والعنف الجسدي والاجرام بالمدينة ككل.ومن جهة أخرى لاحظ التقرير أن مستشفى مولاي رشيد، لم يتوصل بالأدوية المرصودة له برسم الميزانية منذ أواخر 2007/.2008 مؤكدا في هذا الصدد على طريقة تخزين الأدوية وعدم استجابتها للمعايير الدولية المعمول بها، وبثقافة الفوضى واللامبالاة التي تم بها التعامل مع المواد الحساسة، وسجل التقرير تساؤل اللجنة البرلمانية عن الجدوى من تخزين الأدوية ما دام لا تستفيد منها الطبقة المعوزة والمحتاجة من الساكنة، وطالبت اللجنة بضرورة تبني استراتيجية جديدة لتسيير الاحتياطي من الأدوية بحكم أن العديد منها تصبح غير صالحة للاستعمال، كما تم التنبيه إلى مستوى النظافة الملاحظ في المراحض والعنابر التابعة للطب العام. على مستوى التخليق تم التأكد على وجود عدد كبير من الشكايات حول المركز تتعلق بالابتزاز والرشوة التي تتعرض لها الطبقة المعوزة سواء من قبل العاملين أو الأطباء الذين يعملون في القطاع الخاص. وبمستشفى محمد الخامس، وقف أعضاء اللجنة بكثير من الدهشة، على الغياب التام للوقاية والنظافة وانعدام شروط العمل بمطبخ المستشفى سواء على مستوى الأواني الصدئة المهترئة أو البناية التي يتعرف فوضى في كل جوانبها، وسجل التقريرعلامات استفهام حول الأجهزة الطبية الحديثة التي تتعطل بين الفينة والأخرى لأسباب تقنية. وفي رده علا ملاحظات البرلمانيين أشار المندوب الجهوي إلى أن الاستفادة من الأجهزة الطبية الموجودة بالمستشفى محدودة جدا، بفعل تعرضها لأعطاب تقنية، مثل أجهزة التبريد المخصصة لتخزين الأدوية، وبعض المعدات للفحص كالسكانير الذي يتعطل بين الفينة والأخرى الشيء الذي جعل عملية الصيانة موضع المساءلة. وعاينت اللجنة بحسب التقرير أن مستودع الأدوية يشهد تكدس علب كثيرة للأدوية، في غياب تام لأجهزة التبريد واحترام المعايير المعتمدة في التخزين، فيما سجل المندوب الجهوي خصاصا بنسبة 10 في المائة من الأدوية بخصوص الكوطا التي تخصصها الوزارة للمؤسسات الاستشفائية. وأشار فيما يتعلق بمشكل الصيانة بأن الغلاف المالي المخصص لهذه الغاية وقدره 87 مليون سنتيم عرف بعض التأخير ولم يتم التوصل به في حينه. وأن تجهيزات المختبرات والقاعات المخصصة للجراحة خصص لها مبلغ 11 مليون درهم. وأفاد أن فاتورة العلاجات أصبح مؤدى عنها إضافة إلى مساهمات مجلس الجهة والمقاطعات، ذلك أن ميزانية المستشفى تصل إلى 14 مليون درهم، ومداخيله إلى 7 مليون و400 درهم. وكانت الزيارة الاستطلاعية الأخيرة للجنة القطاعات الاجتماعية إلى المستشفى المحلي لسيدي سليمان، وفي رده على ملاحظات اللجنة على هامش زيارتها لهذا المستشفى، نقل التقرير عن المندوب الجهوي، بأن مصلحة الولادة بالمستشفى، تعاني من نقص حاد على مستوى أطباء وأمراض النساء، مسجلا غياب الطبيب المولد الوحيد لمدة تزيد عن ستة أشهر، بحيث يتم الاعتماد لسد هذا الخصاص على المولدات فقط. وأفاد المندوب بحسب التقرير، بأن المنطقة ككل تعرف 7000 ولادة، نصيب المستشفى منها يصل إلى 2000حالة سنويا، من خلال شراكة مع 8 جماعات قروية بموجبها تتم الولادة، وكذا الفحوصات المنتظمة وتقديم الأدوية بشكل مجاني، مشيرا إلى أنه يتم بالمستشفى إنجاز 6 ولادات في اليوم، وعليه فالاستقبال يكون بشكل تدريجي نظرا لعدم وجود طبيب مولد وهو الأمر الذي يضطر القابلات وعددهم 6 للقيام بالمطلوب. وبخصوص مصلحة الجراحة العامة، أشار المندوب إلى أن المستشفى لا يلبي جميع الاحتياجات، ولا يمكن أن يقوم جراح واحد بكل الحالات المحالة، على الرغم من أن المصلحة بها معدات وتجهيزات حديثة توصل بها المستشفى في إطار التعاون الدولي مع اليابان. ووضح بأن مصلحة طب المستعجلات تستقبل حوالي 29 ألف حالة سنويا أي بنسبة 30 في المائة، مفيدا أن المصلحة تستقبل أعدادا من المصابين بالأمراض المزمنة التي تشكل فيها الضيقة 95 في المائة. وعن كيفية اشتغال المختبر، أوضح المصدر ذاته، بأنه يتم إنجاز 50 تحليلة في اليوم، وأنه يعرف ضغطا كبيرا بفعل الحالات الواردة من خارج المؤسسة التي تصل أحيانا إلى 80 حالة يوميا فضلا عن استفادة 10 أشخاص إلى 15 من هذه التحاليل بالمجان في إطار الشراكة مع الجماعات القروية عبر بطاقة مخصصة لذلك. مؤكدا بأن المختبر يتوفر على تقنيين عوض بيولوجيين متخصصين، وعن نوعية التحاليل المنجزة أشار إلى أن أغلب الحالات الواردة على المصلحة منحدرة من العالم القروي وتعاني من فقر الدم المطروح بحدة خاصة عند الحوامل، كذلك داء السكري، داء الزهري (السفليس)، الذي يمثل 3 في المائة، ويتم علاج هذه الحالات قبل الولادة.واعتبر مندوب وزارة الصحة أن أداء المستشفى المحلي سيدي سليمان، يعد الأول على صعيد الانجاز، مدللا على ذلك بنموذج عدد الولادات التي تتم بشكل يومي، على الرغم من عدد الوفيات المسجلة (نسبة 63 في المائة)، التي تبين بعد تقييمها ودراستها وبعد التحليل و الافتحاص بأن الأمر يرجع أساسا إلى ارتفاع حالات (الارتعاش)، الذي يتم تفسيره حسب الثقافة الشعبية السائدة في القرى والبوادي بأنه ضرب من المس أو الجنون، مبرزا أن المرض يعود في الأصل لانعدام المراقبة بشكل منتظم طيلة فترة الحمل الأمر الذي تبين معه أن المناطق النائية لا تتبع الفحوصات اللازمة. ولتشخيص الحالة والتوجهات الإستراتيجية المعتمدة، تحدث المندوب عن إنشاء مصلحة للتدخل الاستعجالي، إذ تأكد بعد تقييم حوادث السير أن 69 في المائة من الوفيات ترجع إلى التأخر في التدخل والباقي بالمستشفى، بمعنى أن تأخر التدخل عامل من عوامل الوفاة على الطرقات.