بحسب تقرير الدينامية السكانية والتنمية الذي أعدته المندوبية السامية للتخطيط، فإن المعدل الخام للولادات في المغرب سيعرف تراجعا خلال 2030 بمعدل 13,8 في المائة، وأن معدل الخصوبة الكلي والإجمالي بالمغرب تراجع، إذ وصل خلال سنة 2009 إلى2,2 طفل لكل امرأة مقارنة مع إفريقيا بمعدل 7,5 طفل، وإذا ما أضيف إلى هذا التقرير ما تناقلته الأخبار من أن تونس عرفت هذه السنة انفخاضا في نسبة الأطفال الذين التحقوا بأسلاك التعليم ب 40 ألفا، يتأكد بأن العالم العربي بدأ يعرف اختلال ديمغرافيا منذ خمسة عشر سنة تقريبا، أي مع مؤتمر السكان والتنمية الذي انعقد في القاهرة سنة .1994 ومعنى هذا أن انطلاق المؤتمر العالمي السادس والعشرين للسكان الذي سينعقد بمراكش ما بين 27 شتنبر و2 أكتوبر 2009، ينبغي أن يتخذ محطة لتقييم السياسات الصادرة عن هذه المؤتمرات، والتي تركز على ثلاث أجندات أساسية: الصحة الإنجابية للمرأة، الأسرة، العلاقات بين الجنسين. هذه الأجندات الثلاث المتلازمة، والتي يتم تأطيرها بمنظومة غربية؛ تترجم في شكل وثائق غير قابلة للتعديل عربيا، تحتاج اليوم إلى إعادة قراءتها بناء على المآل الذي انتهت إليه الاستجابة لسياسات مؤتمرات السكان؛ لا بناء على الأجندة الغربية التي تؤكد كل وثائق مؤتمرات السكان، لاسيما منها مؤتمر القاهرة، أنها تمضي في اتجاه فرض منظومة قانونية وفلسفية غربية، وزعزعة التمسك الأخلاقي، وضرب المعيارية الأخلاقية للشعوب الإسلامية، سواء من خلال ربطها غير المفهوم مابين التنمية الاقتصادية وانخفاض عدد السكان؛ بالشكل الذي أدى وسيؤدي أكثر إلى مزيد من الاختلال الديمغرافي في العالم العربي والإسلامي، أو من خلال التأكيد على وجود أنماط وأشكال مختلفة للأسرة بالنحو الذي يشجع ضمنيا ظاهرة الشذوذ الجنسي في المجتمع العربي والإسلامي، أو من خلال التشجيع الضمني للإجهاض (المأمون) باسم التنظيم الأسري. المفروض، مع حالة الاختلال الديمغرافي الذي يعيشه المغرب ودول عربية أخرى، أن يمضي المؤتمر في اتجاه التصحيح ومراجعة سياساته التي دفعت الدول العربية المستجيبة إلى هذا المآل الخطير، لا أن تمضي في اتجاه تكريس وضعية الاختلال هذه، وتكريس مزيد من الضرب للمنظومة القيمية الإسلامية ولأسس التماسك الأسري. إنه لمن غير المقبول أن ينطلق على أرض المغرب مؤتمر سينتهي بالضرورة إلى قرارات تؤثر على مستقبل الأسرة المغربية، والجمعيات النسائية المغربية غائبة تماما لا يسمع لها صوت في الوقت الذي من المنتظر أن يصنع هذا المؤتمر بقراراته مستقبل الصحة الإنجابية والنمو الديمغرافي في المغرب، بل وأنماط العلاقات السائدة بين الجنسين فيه. المفروض في مثل هذه المؤتمرات التي تتسم بهذه الأهمية الاستراتيجية، أن يسمع رأي المجتمع المدني والجمعيات النسائية، خاصة والموضوعات التي يتناولها هذا المؤتمر تشكل مثار جدل كبير، وغالبا ما يتم، تحت النصوص العامة والغامضة، تمرير مفاهيم وقيم خطيرة لا تزكي فقط الاختلال الديمغرافي الذي يشهده المغرب، ولكن تتجه إلى ضرب ما تبقى من أسس التماسك الأسري.