الاعترافات التي أدلى بها عبد القادر بلعيرج لبعض وسائل الإعلام حول الأسلحة التي تم العثور عليها في بئر بمدينة الناضور، والتي اعتبرتها وزارة الداخلية في روايتها الرسمية الدليل الأكبر على تورط ما أسمته شبكة بلعيرج في عملية إرهابية كبيرة قالت إنها كانت تستهدف الدولة المغربية ومسؤوليها وبعض المراكز الحساسة والمواطنين اليهود. هذه الاعترافات تضمنت خمسة عناصر أساسية لا تبرئ فقط ساحة القيادات السياسية الستة، ولكنها تؤكد بما لا يدع مجالا للشك الطابع السياسي للملف. 1 ـ أولا، إنكار بلعيرج نسبة الأسلحة إليه، إذ أكد أن الأسلحة ليست له ولا للسياسيين. 2 ـ ثانيا، هذه الأسلحة ليست حديثة، ولكنها تعود إلى فترة التسعينيات، إذ وضعت المخابرات يدها على كمية كبيرة من الأسلحة كانت موجهة إلى الجزائر، وضمن هذه الفترة أيضا تقرر تسفير عدد من الجزائريين إلى جانب اعتقال عبد الحق لعيايدة 3 ـ ثالثا، أن هذه الأسلحة، حسب إفادات بلعيرج، تشبه إلى حد كبير الأسلحة التي ضبطت لدى ستيفان أيت إيدر الفرنسي المعتقل في أحداث أطلس إسني. 4 ـ رابعا، وهو العنصر الأخطر في رواية بلعيرج، وهو الضغط الذي مارسته عليه الأجهزة الأمنية للتعاون معها والإدلاء بشهادة مزورة يشهد فيها بأن هذه الأسلحة تعود إلى الجزائري بنيطو رابح، وأنه هو الذي أدخلها إلى المغرب من أجل تسليمها إلى الجماعة السلفية للدعوة والقتال حتى يصير بإمكان السلطات المغربية المطالبة بتسلمه من السلطات البلجيكية. 5 ـ أما العنصر الخامس في رواية عبد القادر بلعيرج، والذي يكشف أكثر الطابع السياسي للملف، وهو اعترافه بكون مسؤول أمني رفيع المستوى قايضه بإطلاق سراحه وطي الملف إن هو نسب الأسلحة إلى المسمى رابح بنيطو، وأن رفضه لـالصفقة هو الذي جعله يدفع الثمن، ليس لوحده ولكن معه القيادات الستة. هذه المعطيات الجديدة، وعلى الرغم من أنها جاءت لتكشف السبب الحقيقي الذي جعل بلعيرج يستغني عن محاميه السابق محمد زيان بسبب إدلائه بتصريحات تفيد بأن موكله كان ينتمي إلى خلية تابعة لجبهة الإنقاذ، وأنه التزم بقرار الجبهة بعد دخول الجزائر في الوئام المدني وجمد خليته ودفن السلاح في المكان الذي عثرت عليه السلطة، وجاءت أيضا لتؤكد البعد السياسي للملف، وبأن الأجهزة الأمنية أرادت أن تدخل الجزائر على الخط، إلا أنها في المقابل، تركت وراءها مساحة رمادية وأسئلة كبيرة حول الدوافع السياسية وراء إقحام القيادات الستة في هذا الملف. فإذا كان واضحا حسب رواية بلعيرج أن توريطه كان بسبب عدم تعاونه مع جهات أمنية لم يحددها بالإسم في حكاية توريط الجزائري رابح بنيطو، فإن السؤال يبقى مشروعا عن دوافع إقحام القيادات الستة في الموضوع، وما هي الجهات التي تدخلت لتضفي على الطابع السياسي الدولي لقضية بلعيرج طابعا سياسيا محليا بتوريط تنظيمات سياسية إسلامية ويسارية معروفة بتبنيها للاعتدال واعتمادها لخيار الوسطية والتزامها بالعمل السياسي المدني ورفضها للعنف. من الصعب معرفة الأسباب الحقيقية وراء إقحام القيادات السياسية الستة في هذا الملف، ومن الوهم التعويل على رواية وزارة الداخلية في هذا الموضوع، لكن من المرجح أن تكون بعض الجهات المعروفة بنزعاتها الاستئصالية أرادت أن تستثمر هذا الملف لأهداف سياسيوية صرفة، ويثير مخاوف كبيرة حول الأحكام التي قد تصدر.