أصبح المغرب خلال الأسابيع القليلة الماضية مادة للهجوم من قبل الصحافة الإسبانية التي استفاضت في أخبارها ومقالاتها التحليلية في كيل الاتهامات للمملكة والترويج لصورة قاتمة وسوداوية عنها. ولم تكن عدد من الصحف الإسبانية موضوعية ومهنية خلال تناولها وتغطيتها للخبر المتعلق بالقاصرين المغاربة الثلاثة الذين أصيبوا بأنفلونزا الخنازير خلال تواجدهم في التراب الإسباني ومشاركتهم في رحلة تندرج في إطار برنامج للتبادل الثقافي الطريق الإيبيري الذي يشارك فيه سنويا تلاميذ من المغرب وإسبانيا والبرتغال. إذ اتهمت المغرب بشكل مباشر برفضه استقبال القاصرين المغاربة الثلاثة فقط؛ لأنهم حاملون لفيروس أنفلونزا الخنازير، وأن السلطات المغربية تركتهم معلقين في ميناء الجزيرة الخضراء، وامتنعت عن نقلهم مع بقية زملائهم على الباخرة التي كانوا قد حجزوا فيها. من جانبه يطرح المغرب في تفسيره للحادث زاوية أخرى، وهو ما شرحه الدكتور عمر المنزهي مدير مديرية الأوبئة ومحاربة الأمراض بوزارة الصحة الذي صرح لـالتجديد أن الصحافة الإسبانية تغافلت عن حقيقة الموضوع، وكالت الاتهامات للسلطات المغربية بأنها هي التي رفضت نقل مواطنيها، في حين يقول - المنزهي- إن اللوائح الدولية الصحية تعطي الحق لقائد أي طائرة أو باخرة في رفض نقل مسافر مع باقي الركاب الآخرين، إذا اشتبه في حمله لأي مرض معد، وذلك حتى لا يعرض باقي المسافرين للخطر، وهذا ما حدث في ميناء الجزيرة الخضراء. ويفصل المسؤول في وزارة الصحي الأمر فيقول كما أن نفس اللوائح تعطي الحق لقائد الطائرة إذا لاحظ وجود مريض ضمن المسافرين يشتبه في خطورة مرضه، فعليه أن يتوقف في أقرب مطار ممكن لإعطائه العلاج. الصحف الإسبانية والمواقع الإخبارية (نذكر منها إلباييس وأ بي سي وصوت كاديز وأوربا سور وغيرهم) إضافة إلى الإذاعة والتلفزة الوطنية الإسبانية كلها هاجمت المغرب، وعنونت صفحاتها ومواقعها الإلكترونية بعنوان موحد المغرب يرفض دخول ثلاثة من القاصرين المغاربة نحو ميناء طنجة. نفس الهجوم ونفس اللهجة الحادة استعملتها عدد من الصحف الإسبانية عندما أمر الملك محمد السادس بإرسال طائرة عسكرية إلى مدريد من أجل نقل جثمان الرضيع ريان الورياشي وعائلته إلى المغرب، بعد أن توفي نتيجة خطأ طبي في مستشفى غريغوريو مارنيون منتصف شهر يوليوز الجاري، إذ استل عدد من الكتاب أقلامهم في وجه هذه المبادرة، معتبرين أنها في غير محلها وتدخل مغربي في شؤون إسبانية ومواطنيها، خاصة وأن الطفل ريان مزداد بإسبانيا ويحمل بالتالي جنسيتها. ووصفوا المبادرة بالسياسية، متسائلين عن السبب الذي يجعل المغرب يتغاضى عن نقل ضحايا قوارب الموت وعدم توفير وسائل لنقلهم إلى بلدهم. تعالي موجة العداء ضد المغاربة في إسبانيا لا يجد صداه داخل الصحافة الإسبانية فقط، بل أيضا في بعض الإجراءات التي تتخذها الحكومة الإسبانية، وهذا ما لفتت إليه جمعية إس أو إس عنصرية الانتباه في تقريرها الأخير، إذ رصدت مجموعة من الممارسات التي تشير إلى تمييز عنصري إزاء المهاجرين المغاربة، وخلصت إلى أن أسلوب إدارة الأزمة الاقتصادية من قبل الحكومة الإسبانية يشجع علىالعنصرية ويعززها، منتقدة الخطاب السياسي خلال إدارة الأزمة المالية والذي يكرس لفكرة ربط الأزمة بالهجرة، وكذا يساهم في خلق انقسام في المجتمع بين مواطنين من الدرجة الأولى وآخرين من الدرجة الثانية.