ما يجري في الغرب هذه الايام يحمل أكثر من إشارة مقلقة عن العنصرية البغيضة والمتنامية هناك ضد المسلمين، فقد تم قتل المواطنة من أصول مصرية مروة علي الشربيني بألمانيا بثمان عشرة طعنة بسكين هي وجنينها الذي لم يمض في بطنها إلا ثلاثة أشهر وذلك بيد متطرف ألماني؛ لا لشيء إلا لأنها مسلمة ترتدي الحجاب وتؤدي الصلاة. كما تم إحراق الإمام علي محمد، إمام مسجد بلدة يرمو بولاية كاليفورنيا، لا لشيء إلا لأنه ذهب يوم السبت الأخير إلى منزل قديم كانت تقطنه أسرته لإزالة عبارات كراهية كتبت بداخل المنزل تقول: +اللعنة عليك أيها العربي... عد إلى ديارك أيها العربي؛. وحملت توقيع جماعة كو كلوكس كلان، وهى حركة بيضاء عنصرية، وبجوار التصريحات العنصرية تم رسم العلم الأمريكي والصليب النازي المعقوف، حيث أشعل حريق مهول في المنزل بعد أن دخله الإمام ليقتل الإمام حرقا بالنار. أما الحدث الثالث توقيف شبكة مؤلفة من 23شخصا من المتطرفين اليمينيين وبحوزتها 300 قطعة سلاح و80 قنبلة، ويشتبه في أنها كانت تستهدف شن حملة تفجيرية ضد المساجد في بريطانيا. والعثور بحوزة أفراد الشبكة على بطاقات عضوية الحزب القومي البريطاني العنصري. أي مجتمعات هذه التي تدعي تعليمنا الحضارة والتسامح والحريات الدينية؟ أي ضمانات توفرها هذه الدول لمواطنيها من ديانات أخرى؛ ومن مجالات حضارية أخرى غير الحضارة اليهودية-المسيحية؟ هذا النوع من الجرائم العنصرية أصبح في تزايد في بلاد الغرب؛ سواء في أوروبا أو أمريكا. ولكنه عندما يقع سرعان ما تتواطأ وسائل الإعلام هناك لتقديمه كما لو كان عملا معزولا وهامشيا. فهل العمل المعزول يحدث على الدوام وفي كل الدول التي لها نفس المرجعية الحضارية. بينما لو حدث عمل معزول فعلا في بلاد العرب والمسلمين لقامت الدنيا ولم تقعد حتى يتم تعميم التهمة على كل العرب وكل المسلمين ونعثهم بالتطرف والإرهاب. أين الأقلام والأصوات التي تملأ الدنيا صراخا لو مُست شعرة يهودي أو بناية دينية يهودية في باريس أو لندن ملوحة بتهمة معاداة السامية وإنكار المحرقة؟ ماذا عن هذه المحارق التي ترمى على المسلمين كل يوم في حواضر أوروبا وأمريكا في صمت متواطئ ومنافق؟ ولا يتوقف الأمر على المواطنين الغربيين الذين ينعتون بالمتطرفين؛ بل عن الدوائر الرسمية من حكومات وبرلمانات وزعماء سياسيين أصبح همهم منذ مدة هو التضييق على المسلمين في دينهم بدعوى الحفاظ على المظاهر العَلمانية للدولة. فيجتهدون للتعسف في إخراج القوانين إثر القوانين؛ مرة بمنع الحجاب في المدارس وأخرى بمنع رفع المئذنات فوق المساجد وأخرى بمنع بناء المساجد نفسها. هل مبادئ العلمانية نفسها تمنع المتدينين من القيام بشعائر دينهم؟ هل تحولت العلمانية إلى دين رسمي للدولة لا يقبل إلى جانبه أي دين آخر غيره؟ على المجتمعات والحكومات الغربية أن تراجع نفسها قبل الخوض في الضغط على الآخرين للقيام بإصلاحات تهم الدمقرطة والتسامح وحماية حقوق الأقليات؛ خصوصا المسيحية واليهودية. لأن انتشار هذه العقليات العنصرية خطر على مجتمعاتها قبل أن يكون خطرا على الجاليات المسلمة. وعلى الحكومات العربية والإسلامية أن تقوم بواجبها في الدفاع عن حقوق جالياتها في الخارج عوض الرضوخ لأوامر السادة المستعمرين السابقين بالتضييق على فصائل المجتمعات المسلمة التي لا تعجب دوائر الهيمنة والاستكبار.