بدأ الجيش الإيراني يوم الاثنين 22 يونيو 2009 مناورات عسكرية بحرية وبرية، في منطقتي الخليج وبحر عُمان، بهدف تعزيز القوات التكتيكية والإسناد لقوات الجيش، وفقاً لما أعلنه الجيش، فيما يبدو أنها خطوة للفت الأنظار عن أزمتها الداخلية المتفاقمة، وفي الوقت الذي دعا فيه المرشح الإصلاحي الخاسر في الانتخابات الرئاسية الإيرانية مير حسين موسوي أنصاره إلى ضبط النفس والتزام الهدوء. وأفادت وكالت مهر الإيرانية للأنباء أن المناورات ستتضمن تنفيذ طلعات جوية لطائرات تصل إلى مسافة 3600 كيلومتر تتخللها عمليات التزود بالوقود جواً. وأضافت الوكالة أن طائرات من طراز سوخوي 24 الاستراتيجية ستنفذ طلعات جوية بعيدة، كما سيتم اختبار واستخدام ذخائر جديدة مصنعة محلياً من قبل منظمة جهاد الاكتفاء الذاتي للقوات الجوية للجيش الإيراني. وقالت الوكالة إن الطائرات ستقوم بالتحليق لمسافات طويلة على مستوى منخفض فوق مياه الخليج (الفارسي) وبحر عُمان، كما أن الطائرات المقاتلة ستحلق لمسافة 700 كيلو متر عند مستوى سطح البحر. ونقلت الوكالة عن تقرير للجيش الإيراني أن المناورات تهدف إلى رفع مستوى القدرات القتالية لمنتسبي القوة الجوية، ووضع الطائرات المقاتلة في حالة التأهب لتنفيذ العمليات المطلوبة منها، بالإضافة إلى استخدام طائرات الاستطلاع في هذه المناورات من أجل إرسال الإشارات والبيانات حول المخاطر المفترضة. وتأتي هذه المناورات في وقت تشهد فيه إيران مظاهرات عارمة ضد الرئيس محمود أحمدي نجاد، بعد إعلان فوزه بدورة رئاسية جديدة، مما تسبب بمقتل 13 شخصاً على الأقل وإصابة المئات، وفقاً لوسائل الإعلام الإيرانية، علماً بأن السلطات منعت وسائل الإعلام الأجنبية من تغطية الأحداث. وكان المرشح الإصلاحي مير حسين موسوي قد دعا مؤيديه إلى ضبط النفس، في الوقت الذي تشهد فيه شوارع العاصمة الإيرانيةطهران هدوءًا نسبيًّا بعد مظاهرات عنيفة ودامية أدَّت إلى مقتل 20 شخصًا وإصابة أكثر من 100 آخرين، واعتقال عددٍ كبيرٍ منذ اندلاعها الأسبوع الماضي. وفيما قال مجلس صيانة الدستور: إنَّ هناك أمورًا غير طبيعية شابت عمليات التصويت في انتخابات الرئاسة، وأشار إلى أن ذلك يشمل نحو ثلاثة ملايين صوت، أدان موسوي ما وصفه بـالاعتقالات الجماعية لأنصاره، داعيًا إلى مواصلة الاحتجاجات التي اعتبرها حقًّا للإيرانيين، وقال في بيانٍ نشر على موقعه على الإنترنت هذه الاعتقالات الجماعية للناس ستقيم شقاقًا بين المجتمع والقوات المسلحة في البلاد. وحمَّل موسوي الحكومةَ مسئوليةَ وقوع قتلى بين المتظاهرين، وقال إن رفض وزارة الداخلية منحهم تصريحًا لتنظيم مسيرة احتجاج تسبب في مصادماتٍ بين المتظاهرين والشرطة، وأدَّى إلى وقوع قتلى. وتابع أن إطلاق النار على الناس وتحويل المدينة إلى ثكنة عسكرية وغيرها من أشكال إظهار القوة لن يحل المشكلة، وكل هذا ما كان ليحدث لو لم يتم تجاهل الفقرة 27 من الدستور (التي تنص على حق الشعب في التظاهر سلميًّا). كما دعا موسوي قوات الشرطة والجيش إلى منع وقوع أضرار لا يمكن إصلاحها في علاقاتهم مع الشعب وإلى وقفٍ فوري لعمليات الاعتقالات؛ وذلك في إشارةٍ إلى اعتقال أكثر من 450 من المتظاهرين. وأكد أن الاحتجاج على التزوير هو حق للشعب، داعيًا أنصاره إلى ضبط النفس؛ وذلك في بيانه الإلكتروني. هذا؛ وقد حذرت السلطات المتظاهرين من العودة إلى الشوارع، وقال قائد الشرطة الجنرال إسماعيل أحمدي مقدم: إن على المتظاهرين أخذ التحذيرات على محمل الجد، وأضاف: لقد أصبح الموقف مثيرًا للقلق ولا يُطاق، وأريد تحذير المتظاهرين من مغبة عدم احترام دعواتنا؛ لأننا سنواجه كل مَن يخالف القوانين بحزم. من جانبه حذَّر الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي السلطات مما سماها عواقب منع التظاهر، وطالب بالإفراج فورًا عن المعتقلين، ودعا إلى تشكيل هيئة حيادية ومنصفة تكون محل ثقة المعترضين على نتائج الانتخابات الرئاسية ويقبلون بحكمها لتسوية الأزمة. واعتبر خاتمي أن المجال ما زال مفتوحًا أمام تسوية الوضع، قائلاً إن الحل لا يتمثل في إحالة الأمر إلى مرجع أو مراجع هي ذاتها محل انتقاد وشكوى، في حين ينبغي عليها أن تحافظ على حقوق الشعب وتجري الانتخابات بنزاهة وحرية وعبر آلية مراقبة. وذكر أن مثيري الشغب في البلاد ليسوا من الشعب، مؤكدًا أن الاحتجاج الصامت والسلوك الحضاري للشعب في المظاهرات مؤشر على يقظته. من جهته، حذر رئيس مجلس الشورى الإسلامي في إيران، علي لاريجاني، أول أمس الولاياتالمتحدة وبريطانيا وألمانيا، بالإضافة إلى فرنسا، من مغبة التدخل في الشؤون الداخلية لبلاده، ملوحاً بأن إيران قد تضطر للرد، في ساحات أخرى. وتأتي تصريحات لاريجاني بعد اتهام الخارجية الإيرانية وسائل إعلام بريطانية وأمريكية بإذكاء جذوة العنف التي فجرتها نتائج الانتخابات الرئاسية الأسبوع الماضي. وقال لاريجاني خلال الجلسة العلنية لمجلس الشورى، إن: المجلس يحذر الرئيس الأمريكي، ورئيس وزراء بريطانيا، والمستشارة الألمانية والرئيس الفرنسي من التدخل في الشؤون الداخلية لإيران، والقيام بأعمال ما تجعل إيران مضطرة للرد عليهم في ساحات أخرى، طبقاً لما نقلت وكالة مهر. من جانبه، قال متقي وزير الخارجية، خلال لقاء مع دبلوماسيين أجانب في العاصمة، طهران، إن نتائج التحقيق حول مزاعم تزوير في الانتخابات التي جرت في 12 يونيو الجاري، ستعلن في نهاية الأسبوع. ودحض مزاعم التزوير التي فجرت موجة عنف شعبي أسفرت عن مصرع العديد من الأشخاص، بالقول: احتمالات حدوث إرباك وتلاعب شامل ومنظم، تشارف الصفر بالنظر إلى معطيات توليفة من خاضوا الانتخابات. وحمل على بريطانيا لتدخلها في الانتخابات، قائلاً إن الحكومة حاكت مخططاً ضد عملية الاقتراع منذ أكثر من عام. وأضاف: شهدنا تدفقاً لأناس من المملكة المتحدة قبيل الانتخابات، دون إبداء إيضاحات. ومن جانبه، ألقى الناطق باسم الخارجية الإيراني، حسن قشقاوي، بلائمة العنف على وسائل إعلام بريطانية وأمريكية. وقال قشقاوي: صوت أمريكا وهيئة الإذاعة البريطانية، بي. بي. سي، قنوات حكومية، ممولة من قبل الكونغرس والبرلمان البريطاني على التوالي، وهما ينطقان باسمي حكومتيهما. واتهم المسؤول الإيراني القناتين بلعب دور في تحريك التنافر العرقي على أمل تفتيت وحدة الجمهورية الإسلامية. وأضاف: عملت الشبكتان كدعائم لهندسة شغب ما بعد الانتخابات.