فيما يتعلق بتفسير حصول حزب الأصالة والمعاصرة على المرتبة الأولى. ففي اعتقادي هناك سببان رئيسيان: الأول، يرجع التفوق العددي الذي حصل عليه حزب الأصالة والمعاصرة إلى كونه استقطب العديد من الأعيان ومحترفي الانتخابات، بالإضافة إلى أطر الأحزاب الأخرى، حيث تمكن فؤاد عالي الهمة من استقطاب هؤلاء. ولذلك، يمكن القول بأن حزب الأصالة والمعاصرة واجه اقتراع 12 يونيو بأطر جاهزة، والسبب الثاني وهو مراهنة حزب الأصالة والمعاصرة على العالم القروي، بحيث إن خبرة فؤاد عالي الهمة في وزارة الداخلية جعلته يدرك بسهولة أن ضعف الأحزاب السياسية في المغرب يكمن في العالم القروي، خاصة وأن هناك 1229 جماعة قروية من أصل ,1503 وهو ما يعني أن الجماعات الحضرية تشكل فقط 282 جماعة، وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن أغلب الجماعات القروية تخضع لنمط الاقتراع الفردي تبين لنا كيف استطاع حزب الأصالة والمعاصرة أن يجد له موطئ قدم في القرى المغربية من خلال ترشيح عدد كبير من الأعيان، وهو الأمر الذي عجزت عنه الأحزاب الأخرى. وإذا حللنا نتائج حزب الأصالة والمعاصرة سنجد أنه حصل على 5500 من أصل 6015 مقعدا التي حصلها في هذه الانتخابات في الدوائر الخاضعة لنمط الاقتراع الفردي، بينما احتل المرتبة الثالثة في الدوائر الخاضعة لنمط الاقتراع اللائحي بعد حزب العدالة والتنمية وحزب الاستقلال. وفيما يتعلق بتفسير فوز حزب العدالة والتنمية بالمرتبة الأولى في المدن، فيرجع أساسا إلى حضوره الوازن في المدن الكبرى، بحيث استطاع أن يحقق نتائج متقدمة ضمن الاقتراع اللائحي. لذلك عمليا حصل على الرتبة الأولى بـ 743 مقعدا، أي تقريبا نصف المقاعد التي حصل عليها. وهذا يفيد أن حزب العدالة والتنمية على غرار الأحزاب السياسية الأخرى يجد صعوبات في إيجاد موطئ قدم في العالم القروي، وطبعا هناك تفسيرات يستحضرها الباحثون وهم يقاربون علاقة الأحزاب السياسية بالعالم القروي، ذلك أنه تاريخيا ومنذ الاستقلال كان العالم القروي مجالا محفوظا للسلطة، وكانت السلطة تضيق على الأحزاب وتمنعها من الاقتراب من هذا المجال، باستثناء الأحزاب التي تدور في فلكها.