ترك السفير الأمريكي بالجزائر ديفيد بيرس الباب مواربا بشأن صفقة تسلّح تشتري الجزائر بموجبها أسلحة من الولاياتالمتحدة تستخدم أساسا في محاربة الجماعات المسلّحة، قائلا في لقاء صحفي عقده بمقر سفارة بلاده بالجزائر: لازلنا نتواصل بخصوص هذا الأمر ونحن متفتحون على النقاش في هذه القضية. وكانت الجزائر قد أبدت تحفظات بشأن شروط أمريكية تتعلق بمراقبة بعدية لأي نوع من السلاح تشتريه من الولاياتالمتحدةالأمريكية. ونقلت صحف جزائرية عن السفير بيرس قوله خلال ذات اللقاء الذي تشعب فيه الحديث ليشمل مختلف أوجه العلاقات المتطورة تدريجيا بين واشنطنوالجزائر إن بيع السلاح الأمريكي يخضع لشروط تنسحب على كل البلدان، حيث فرضناها على إسرائيل أيضا، فعندما نبيع السلاح نشترط مراقبة بعدية وهو ما تحفظت عليه الجزائر. ويعدّ توجّه الجزائر نحو السوق الأمريكية للتزود بالأسلحة تحولا لافتا، حيث كانت الجزائر تقليديا من أبرز أسواق روسيا وأوروبا الشرقية عموما. إلا أنّ تحولات وعوامل استراتيجية وأمنية فرضت هذا التحوّل، فمن ناحية دخلت الجزائر في سباق تسلّح غير معلن مع المغرب يبدو أن مواصفات السلاح الروسي لم تعد تلبي متطلباته، وقد شهد العام الماضي تعثر صفقة طائرات روسية للجزائر بسبب عدم استجابتها للمواصفات المتفق عليها. ومن ناحية ثانية تحتاج الجزائر للسلاح الأمريكي ذي الميزات الكثيرة في مجال الحرب غير التقليدية على المسلحين، وهي تحديدا الحرب التي تخوضها الجزائر منذ تسعينات القرن الماضي ضد المسلحين الإسلاميين. وتتعلق الصفقة موضع الجدل تحديدا بهذا النوع من السلاح، حيث طلبت الجزائر رسميا عتادا حربيا يدخل في إطار مكافحة الإرهاب، وفق ما نقلته صحف جزائرية عن مصادر مطلعة ذكرت أن الطلب يتضمن على وجه الخصوص أنظمة إلكترونية متخصصة في الرؤية الليلية وأنظمة رادار متقدمة، وطائرات بدون طيار وأجهزة إلكترونية متنوعة. وتقول الولاياتالمتحدة التي تجد بدورها مصلحة كبرى في غزو أسواق جديدة لصناعتها العسكرية النشطة والنهمة للأموال بحكم تطورها السريع إن شرط المراقبة البعدية الذي تفرضه على مبيعات الأسلحة يعود إلى حرصها على عدم استعمالها خارج الأغراض المصرّح بها في طلب الشراء وضمان عدم انتقالها إلى جهات تعتبرها معادية لها. واستبعد مراقبون للشأن المغاربي حرص الجزائر على امتلاك آخر مبتكرات التسلح بغرض مواجهة الجماعات المسلحة، وذهبوا إلى أن الغرض أكبر من ذلك. إلى ذلك تبحث الولاياتالمتحدة عن موطئ قدم في المنطقة. وحاولت أواخر عهد الرئيس السابق جورج بوش تركيز قيادة عسكرية تحت مسمى أفريكوم تتولى محاربة الإرهاب بمنطقة الساحل جنوب منطقة المغرب العربي، إلا أن ممانعة دول المنطقة جعلت المشروع يتعثر. وأشار السفير الأمريكي ديفيد بيرس في حديثه المذكور إلى وجود حساسية كبيرة من الوجود العسكري الأجنبي بالجزائر ويعود ذلك إلى الأبعاد التاريخية للبلد، في إشارة إلى معاناة الجزائريين في الاستعمار.