لحد الآن ليس هناك من مؤشر حقيقي يدفع إلى الاعتقاد بأن هناك حوارا مع ما يسمى بـالسلفية الجهادية في المغرب، ولعل الشروط التي طرحها وزير الداخلية شكيب بن موسى بين يدي الحوار تؤكد أن السلطة السياسية في البلاد لا زالت مترددة في اتخاذ مثل القرار بالنظر إلى تداعياته السياسية في حالة العود، ويظهر هذا التردد بشكل واضح في التباطؤ الذي يدبر به ملف كل من بي حفص وحسن الكتاني، إذ على الرغم من قرار المجلس الأعلى بإعادة المحاكمة، وعلى الرغم من أن غالبية الشهود الذين أحضرتهم المحكمة بعد مرافعات مضنية لهيئة الدفاع، أكدوا عدم معرفتهم بالشيخين وعدم صحة المنسوب إليهم من شهادات، إلا أن القضية لم تأخذ طريقها بعد إلى تبرئة الشيخين. وبمتابعة ملف الحوار مع السلفية الجهادية، يمكن أن نخلص إلى أن المحاولات التي تمت إلى حد الآن لا تعد أن تكون جزءا من المقاربة أمنية التي تهدف إلى تحقيق أحد هدفين: - امتلاك مزيد من المعلومات الأمنية عن التنظيمات السلفية بقصد مساعد الأجهزة الاستخباراتية على تفكيك بعض الخلايا. - فك الإضرابات والاعتصامات داخل السجون. وفي هذا الإطار يمكن أ نرصد : - في السايع من نونبر 2007 قام حفيظ بنهاشم المندوب العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج وبعض المسؤولين الأمنيين بالتمهيد لما سمي بحوار مستقبلي مع بعض ما يصطلح عليهم شيوخ السلفية الجهاديةإلا أنه لم يؤد إلى نتيجة بسبب إصرار بعضهم على عدم كتابة طلب العفو الملكي نونبر 2008 . - وقد نفى وزير العدل عبد الواحد الراضي في 22 من نفس الشهر علمه بأية حوارات تجرى مع شيوخ السلفية في السجن وقال: أن كل ما لدينا هو مجموعة من طلبات العفو من هؤلاء المعتقلين ونحن ندرسها ولكن لاعلم لي بوجود حوار مع ما يعرف بشيوخ السلفية - في شهر دجنبر التقى الشيخ محمد الفيزازي بمسؤولين مغاربة منهم كبار موظفي الإدارة العامة للسجون وإعادة الإدماج، كما حضر اللقاء الذراع الأيمن للمندوب العام بنعمرو في حوار دام لساعات في زنزانته بطنجة وتوقع أن يكون الهدف من هذا اللقاء الثاني للفيزازي مع الدولة بعد اللقاء الأول مع المندوب العام لإدارة السجون حفيظ بنهاشم، هو إطلاعه على مشروع صلح ووساطة بين سجناء السلفية الجهادية وبين الدولة. - مبادرة حرزني: في شهر يونيو 2008 عقد منتدى الكرامة لحقوق الإنسان مع أحمد حرزني ، رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان لقاء من أجل عرض مشاكل معتقلي ما يسمى بـالسلفية الجهادية داخل السجون فاقترح أحمد حرزني أن يحرر هؤلاء المعتقلون إفادات كتابية يتبرؤون فيها من الأعمال الإرهابية، ويوضحون موقفهم من التهم التي أدينوا من أجلها. إضافة إلى نبذهم تهم التكفير، وبيان موقفهم من الملكية. - في شهر غشت 2008 ثلث معتقلي السلفية الجهادية بفاس يوافقون على مبادرة حرزني ويعتبرون النظام الملكي حافظ على الوجود الإسلامي واستقرار البلاد في أغلب فترات التاريخ الإسلامي، وأن لا مشكلة لديهم مع النظام الملكي. ووافقوا على الشروط التي قدمها حرزني من أجل حل ملفهم. في 29 من شهر شتنبر 2009 وضع منتدى الكرامة لحقوق الإنسان ملفا يتضمن لائحة أولية لإفادات خاصة بـ67 معتقلا في إطار قانون مكافحة الإرهاب بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في إطار ما سمي بـمبادرة حرزني. أما بخصوص الحوار مع العلماء، فقد كشف ممحمد يسف الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى في 29 من شهر نونبر 2008 عن استعداد العلماء للحوار مع معتقلي ما يسمى السلفية الجهادية، ولكن وفق شروط، قال لالتجديد إذا التزام هؤلاء بالثوابت المغربية من عقيدة أشعرية ومذهب مالكي وتصوف سني ونظام الحكم القائم على البيعة، فإن العلماء لا مانع لديهم من أن يتحاوروا معهم، أما المسائل الخلافية الجزئية والفرعية فيتم مناقشتها. - أما الدكتور أحمد عبادي الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، فقد التفت إلى الجانب المنهجي في الحوار، واعتبر في 3 من شر دجنبر 3 2008/12/2008 أن الحوار مع السلفية الجهادية لا يمكن أن يكون حوارا وعظيا، بل يجب أن يحترم الشروط العلمية، فتواجه الحجة بالحجة والدليل بالدليل، ومحاكمة كل الأقوال إلى الأصول الكبرى التي جاء بها الإسلام، والمتفق عليها من لدن علماء الأمة. وقد أعرب سجناء السلفية الجهادية بسجن بوركايز يوم 30 دجنبر 2008 بضواحي فاس عن ترحيبهم بالجلوس بين يدي العلماء لمحاورتهم، واستعدادهم التام للانخراط في مبادرة الحوار بينهم وبين الفعاليات العلمية والقضائية والأمنية، وأصدروا بيانا أعلنوا فيه عدم معارضتهم للنظام الملكي وانتسابهم للمذهب المالكي وتبرؤوا من تكفير المجتمع وممارسة العنف. وباستثناء المبادرة الفردية التي قام بها الدكتور سعيد بيهي عضو المجلس العلمي المحلي بالدارالبيضاء في 30 من شر ماي 2007 حيث توجه إلى السجن للقاء المعتقل محمد جوك ومحاروته في موضوع التكفير باسثناء هذه المبادرة التي سبقت إعلان الدكتور يسف عن شروط العلماء، لم تسجل أية مبادرة للعلماء للحوار مع السلفية الجهادية. وعلى الرغم من أن معتقلي السلفية رحبوا بمبادرة حرزني، وأعربوا عن استعدادهم للقاء العلماء والسماع منهم، وعلى الرغم من أن بعضهم حاول إقناع السطا المغربة بتأسيس إطار للسلفية الحريكة بالمغرب يكون من بن أدواره الكبرى دعم التوجه السلمي ومواجهة فكر العنف، إلا أن حالة التردد لا زالت هي السمة الغالبة التي تحكم موقف السلطة السياسية في تعاطيها مع هذا الملف. ولا زال معتقلو السلفية الدجهادية ينتظرون أن يحصل شيء مما وعدهم به أحمد حرزني في مبادرته لا سيما وأنه أعلن بعد ذلك، وتحديدا في 17 من دجنبر 2008 في برنامج حوار أن طلبات معتقلي السلفية الجهادية لا زالت قيد الدراس، موضحا أنه ليس للبلد مصلحة في أن يبقى كل من تثبت براءته كيفما كانت عقيدته وأفكاره داخل السجن.