في نظركم ما هي أهم جوانب الخلاف بين حركة التوحيد والإصلاح وجماعة العدل والإحسان؟ بسم الله الرحمن الرحيم، بداية أقول إن الحديث عن جوانب الخلاف أو الاختلاف بين الحركتين لا ينبغي أن يحجب الجوانب المشتركة بين أبناء الحركة الإسلامية المغربية والتي تجعل اجتهاداتنا في النهاية ضمن دائرة التنوع وليس التضاد وهو تنوع نرجو أن يحقق التكامل، وفي أدبيات الحركة حديث عما نسميه الجبهة الدينية بشقيها الرسمي والأهلي والتي قدرها أن تتعاون ثم تتعاون لأن الخصاص يستوعب جهود الجميع وزيادة. ومن الأمور المتفق عليها والتي صارت سمة من سمات الحركة الإسلامية المغربية الخيار السلمي والاقتناع التام بأن الأوضاع في بلادنا إنما يسهم في إصلاحها التدافع السلمي ، وهذه ميزة في غاية الأهمية جنبت البلاد والعباد كثيرا من المنزلقات.وفي تقديري من جوانب الخلاف يمكن التمثيل بالأمور التالية : 1 ـ الأمر الأول، على مستوى القيادة فنحن نعتمد القيادة الجماعية التي يختفي معها ما يسمى الشيخ أو المربي بمعناه الصوفي ، بل إن المسؤول عندنا لا يتجاوز ولايتين اثنتين .ونقدر أن هذه الروح الشورية العالية أنفع وأصلح . وهذا الاختيار أوجد داخل الحركة نفسا نقديا بين أبنائها ضابطه الرأي حر والقرار ملزم كما انه ساهم في اكتشاف طاقات ومواهب وقادة...فحركة التوحيد والإصلاح يستقيل رئيسها وتواصل مسيرتها ويواصل الرئيس السابق أداءه من موقعه الجديد دون أي ارباك أو ارتباك. وما كان لذلك أن يتم لولا النهج الذي اختارته وسارت عليه، فمشكل الخلافة غير مطروح عندنا!! 2 ـ الأمر الثاني، أننا نؤمن بالمشاركة السياسية ولذلك انخرطنا في كافة الاستحقاقات وقدمنا نموذجا صار مع الزمن مرجعا ومحل مدارسة على صعيد العالم الإسلامي بل والدولي أيضا، وإيماننا بالمشاركة لا يعني أننا نغفل ما يعتري شروطها من جوانب النقص ، بل نحن على العكس من ذلك نساهم في إنضاج شروط المشاركة ولا ننتظر نضجها، وشتان بين الأمرين. 3 ـ الأمر الثالث، اننا آمنا بالتنظيم الرسالي والذي من آثاره التركيز على الوظائف الأساسية التي هي الدعوة والتربية والتكوين ثم إنشاء التخصصات في بعض المجالات على أساس أن تكون رائدة في مجالها مستصحبة للبعد الدعوي وقد ساهمت سياسة التخصصات في تحرير الأعمال التي شملتها ومنحهتا فضاءات أرحب وقدرة على الفعل في المجتمع بعيدا عن الارتباط التنظيمي الذي قد يتحول أحيانا إلى قيد او حاجز لا يسمح بالتواصل والانفتاح الكافي. ما هو تقييمكم لمنهجية تدبير الخلاف التي اعتمدتها كل من الحركتين في المرحلة السابقة؟ في تقديري لم تنخرط الحركتان في تدبير حقيقي للخلاف فقد تمسكت كل حركة باختياراتها باعتبارهما يمثلان مدرستين مختلفتين .ولم تسهم بعض لقاءات التنسيق التي تمت في فتح النقاش في القضايا الخلافية مثل المسألة التربوية او المسألة السياسية وكان التنسيق ينحصر في بعض المحطات إما في قضايا وطنية او قضايا الأمة وقد لا يتجاوز احيانا إصدار بيانات مشتركة. والمطلوب فعلا هو الرقي إلى درجة تدبير الخلاف بما يسهم في تطوير الأداء وتوفير الجهود وترشيد الطاقات فإذا لم تتحقق الوحدة فلا أقل من التنسيق والتكامل.نعم لقد نجحت الحركتان في تجاوز حالة التقاطب ولكن العلاقة لم ترق إلى أكبر من ذلك. لوحظ في الآونة ألأخيرة، أن الحركتين بدأتا تتلمسان معالم منهجية جديدة في تدبير الخلاف تقوم على التنسيق في المشترك، وتأطير الخلاف ضمن السقف الاجتهادي، إلى أي حد يمكن اعتبار هذين العنصرين كافيين في رسم خطوط منهجية سليمة في تدبير الخلاف بين الجماعتين؟ لا يظهر لي وجود معالم منهجية جديدة في تدبير الخلاف ، بل الموجود إلى الآن هو نوع من استصحاب الوضع السابق أي التنسيق في المسلمات مثل القضية الفلسطينية ونحوها ، واحتفاظ كل طرف برؤيته في ما عدا ذلك. ولقد بادرنا في حركة التوحيد والإصلاح وراسلنا الإخوة في جماعة العدل والإحسان على مستوى مجلس الإرشاد في موضوع رؤية 2006 وما صاحبها ولم نتلق جوابا كتابيا مما كان يمكن ان يسهم في الدفع في اتجاه ضرب من التدبير لكن شيئا من ذلك لم يحصل ، ثم كان نشر الرسالة لما قدرنا انها مصلحة شرعية تدخل في باب النصيحة مما اعتبرناه تأسيسا لثقافة النصح التي ينبغي أن تسود بين العاملين في الحركة الإسلامية مع ما يقتضيه ذلك من إنصاف وأدب وعدل وإحسان. ونحن نرحب بالنقد الذي يمكن أن يسديه لنا إخواننا في جماعة العدل والإحسان ، فقنوات الحوار لا تأتي إلا بخير،وإنما هي اجتهادات يعتريها ما يعتري الاجتهاد البشري من الخطأ والصواب.كما نأمل أن تكون شراسة وجرأة الجهات العلمانية والاستئصالية في بلادنا كافية للبحث عن جبهة مقاومة للتطرف العلماني اللاديني تستوعب كل أهل الخير في المغرب وما الحركة الإسلامية بكل أطيافها إلا جزء من ذلك ، ذلك لأن الاستهدافات لا تستثني أحدا، وآثارها قد تكون أبعد من المتوقع،وقد يكون من المفيد أيضا أن يتولى كل طرف جانبا يتخصص فيه او يكاد ، فيكون بمثابة الثغر الذي يحرص ألا تؤتى البلاد من جهته ...والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل